الثلاثاء 30 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

أطالب بمنع التظاهر «سنة» حتى تستطيع الدولة إعادة بناء مؤسساتها




حوار - سوزى شكرى

كيف يقيم فنان معرضه وسط كل هذه الأحداث والمشكلات الأمنية قال: «إن الفن ثورة على الأحداث، وسلاح مقاومة، ومن لم يستخدم سلاحه فى توقيته المناسب قد يخسر الكثير»، هو الفنان التشكيلى محمد الطراوى ومعرضه «حوارات» الذى اقامه بقاعة «جرانت» التى تقع فى محيط وسط البلد وقريبة من الأحداث، فقد رفض تأجل معرضه وقرر أن يكمل ثورته الفنية التشكيلية ليعرض آخر إنجازاته الإبداعية التشكيلية، تحدى الاحداث وتحمل المخاطرة.
محمد الطراوى تألق فى «فن المائيات» وأصبح ضمن القلائل الذين تزعموا «المائيات» لكنه تمرد على كل مشروعاته الفنية التشكيلية وقدم تجربة فنية جديدة بدءاً من الخامة والتقنية والمذهب الفنى والمعالجة التشكيلية الاختزالية.
تحدثنا معه حول معرضه وآرائه فى وزارة الثقافة وفى القضايا العامة التى يشهدها الشارع المصرى وكان هذا نص الحوار:

معرضك «حوارات» تجربة فنية مختلفة عن أعمالك السابقة، حدثنا عن تجربتك الإبداعية الجديدة.

الانتقال من تجرية فنية إلى أخرى والخروج عن السياق هى مخاطرة ومغامرة يلجأ اليها الفنان عندما تلح عليه الرغبة فى كسر المألوف والخروج من القولبة، وأقصد بالمألوف هو ما وصل إليه الفنان من تجارب وخبرات سابقة، وأن الجديد فى التجربة الفنية يأتى بالتجريب وليس بالاستقرار والثبات على خامة وأسلوب وتقنية، قدمت 15 معرضاً بالألوان المائية وتناولت بها المشهد المكانى والبورتريه والمنظر الطبيعى وعناصر إنسانية أخرى، البعض يظن أن الفنان يختار الخامة ولكن الحقيقة أن الخامة تختار الفنان الذى يعشقها ويتواءم معها فتفصح عن أسرارها وطاقاتها وامكانياتها وتصبح مادة طيعة فى يد الفنان، وقد تولدت بينى وبين الألوان المائية علاقة تبادلية حميمة وتمكنت من اظهار شخصيتى وأسلوبى الفنى من خلالها، وقد تبدو الألوان المائية أنها خامة سهلة ولكن حين يتعامل معها الفنان يجد أنها طيعة وليست سهلة، طيعة بمعنى أن  الفنان يستطيع أن يفرض عليها أسلوبه فى ضوء امكاناتها، ورغم أنى خوضت فى هذا المعرض تجربة فنية جديدة إلإ ان الالوان المائية ستظل عشقى الأول، إنما أحسست أنى قد استنفدت تجارب عديدة بالألوان المائية وأنه حان الآن موعد تغيير الخامة، وان العمل الفنى هو فى الأساس تجربة فنية جمالية وطموحى كفنان لا حدود له وأن تغيير الخامة يعد إعادة اكتشاف الفنان لنفسه، اخترت خامة «الكريلك» نظرا لوجود الوسيط المائى وهذا الوسيط لا يبعدنى كثيرا عن الألوان المائية، ربما يراودنى الحنين إلى الألوان المائية مرة أخرى فيما بعد، العنصر الانسانى اكثر حضوراً عن معارضى السابقة، وايضا المكان موجود فى كل لوحة دون تحديد اسم المكان.

اخترت عنواناً لمعرضك «حوارات» فلماذا لم تكف ان يكون العنوان «حوار».

عنوان المعرض ليس بالأمر السهل كما يتصور البعض بل هو امر معقد ان تجمع كل اللوحات تحت مسمى واحد، وليس بالضرورة أن مسمى المعرض يعكس ما يدور فى فلك المعرض أو يصف اللوحات أو مطابق للمنجز الابداعى ليس فى القاموس التشكيلى ما يسمى عنواناً للمعرض، ولكننا اعتدنا على تسمية المعارض، عنوان المعرض يحد  من حالة التأمل عند المتلقى، المتلقى منذ أن قرأ العنوان سوف يبحث عن تفسير للعنوان فى كل لوحة، فقد اخترت العنوان حين قررت ان اعرض تجربتى الفنية الجديدة فى معرض جديد، يوجد عنوان مجازى وعنوان آخر يتأرجح ما بين الرمزى والدلالى ليعكس روح المنتج الفنى،  العنوان هو عامل ثانوى يخاطب كل زائرى المعرض المتخصصين والمتذوقين ولا يفصح عن العمل الفنى فلابد أن يكون العنوان ملائماً ومناسب.
 لا يوجد عمل فنى بدون حوار صامت غير مسموع لكنه حوار بلغة بصرية تشكيلية، مسمى «حوارات» يعنى تعددية الحوار، حوار العلاقة المتبادلة بين الفنان والمسطح،  حوار لونى بين المجموعات اللونية، حوار بين العناصر الإنسانية وعلاقاتها ببعض فى التكوين، حوار الترديد بين المجموعة اللونية والعناصر والمكان، حوار بين المكان والفضاء الكونى والمساحات والفراغات، حوار الهوية الذاتية لشخصية الفنان وافكاره، حوار الهوية التراثية والمخزون الحضارى، حوار الخامة والتقنية لحظة الفعل الفنى وما نتج عنها، حوار المذهب الفنى واسلوب الفنان تعبيرية أو تجريدية، كل هذه الحوارات موجودة فى كل عمل فنى، بالإضافة إلى الحوار المنتظر أو الذى يستقبله المتلقى برؤيته الخاصة، وهذا الحوار يختلف من متلقى لآخر.

اتسمت تجربتك الفنية فى معرضك «بالاختزالية» فى تفاصيل العناصر وفى التدريج اللونى، حدثنا عن تجربتك الفنية.

بالفعل الاختزال هو أحد أبطال الأعمال  لكن المتلقى بإمكانه أن يرى كل التفاصيل بما لديه من مخزون بصرى سابق عن العناصر، الإفراط فى التفاصيل «ثرثرة» والافراط فى الاختزال «ذاتية»، وتحول العمل إلى ذاتية خاصة بالفنان وهو فقط من يستطيع  ترجمتها، لابد أن يجمع بين الذاتية والموضوعية، اختزال التفاصيل مع الاحتفاظ بها  مخاطرة تشكيلية، أن يختزل تفاصيل العناصر والمكان والأشياء دون ان تضيع جذورها وأساسيات البناء الفنى فى التكوين.

 اللون يلعب دوراً كبيراً فى صناعة الشكل فى حلول جديدة، عالم العناصر هى وليدة الصدفة أو الحالة أو المزاج العام للفنان، الأعمال منزوعة الزمن والتوقيت الإضاءة فهى مجموعة إضاءات تخرج منها الاشكال لم ارسم اشكالاً لتلوينها، الزمن يأتى من داخل العنصر وليس زمناً نهارياً أو ليلاً، وأيضا المكان فى الأعمال مكان افتراضى يصنعه الفنان ولكنه يعكس روح المكان المخزون بصريا للفنان والمتلقى.

وهذا ما قصدته بالمخاطرة الفنية أن الضوء هو ضوء يأتى من العناصر وعلاقاتها ببعض ولا يوجد مصدر ضوء محدد يسقط على كل العناصر، لذلك لم اضع تدريجاً لونياً فى العناصر ولم اخضع لتقاليد فنية معتادة وأيضا فى الملابس التراثية والملابس البدوية ودفء مشاعر الألوان ودفء المكان الذى يبوح بالمصرية والشرقية، والأزرق والاخضر أقرب للون النيل، وهذا الاسلوب الاختزالى التجريدى يأتى من اختصار المسافة بين الوعى واللاوعى فى اختزال تفاصيل العنصر البشرى وهذا يأتى وليد اللحظة وليد التراكم المعرفى والثقافى وغير مقصود وليس له احكام مسبقة، لذلك اطلق عليها اعمال تلميح دون تصريح، أو أعمال تلمح ولا تفصح، بمعنى أنها أعمال تأويل تدوايل.

 فن الجرافيتى سجل ووثق الثورة المصرية على جدران الميادين، فما رأيك كفنان فى قرار توقيع غرامة مالية على كل من يكتب أو يرسم على الحائط.

بكل أسف الحكومة الحالية حكومة «الببلاوى» بها العديد من الشخصيات من الطابور الخامس او كما اطلقت عليهم «الفرز الثانى» وهم اشخاص غير أسوياء وغير جديرين بالثقة، إلإ فى وزارة الاوقاف فاحترام الشيخ على جمعة الذى أصدر قراراً بمنع 45 ألف إمام جامع كانوا من أعضاء التنظيم الإرهابى الإخوان المسلمين، والحكومة التى لا تفرق بين فن الجرافيتى والتلوث البصرى الذى يفعله الإخوان وسباب وشتائم، هى حكومة لا تعى طائفة كاملة من المجتمع المصرى وهم الفنانون، وخصوصا فناني الجرافيتى الذين لايكتبون اسماءهم على رسوماتهم، خوفا من المطاردة الأمنية، والقانون الدولى يجرم الجرافيتى لكن يوجد لهم اماكن بدائل حتى لا يكون الجرافيتى اعتداء على أماكن عامة، نحن فى حالة ثورية وهذا تعبير تلقائى من الفنان ورجل الشارع وله احترامه وإزالته ليست بهذا العنف، على الحكومة ان توثق هذه الأعمال قبل إزالتها.

ومن جانب آخر انا كمواطن مصرى قبل أن اكون فناناً ارفض كل دعوات المصالحة التى تطرحها الحكومة، من الذى اعطاها هذا التفويض للتصالح، التفويض الوحيد الذى منحه الشعب المصرى هو للفريق السيسى لمحاربة الإرهاب.

ما رأيك فى قانون التظاهر هل يحد من حرية التعبير عن الرأى أم انه ضرورة لتنظيم أسلوب التعبير؟

فى الدستور الجديد اتمنى ان تلتزم الدولة بحرية التعبير والفكر والرأى فى مجالات الفنون وأن الحرية أصل الوجود ولا وجود بدون حرية، انا مع الحرية الملتزمة، البعض فهم ان الحرية هى الخروج عن القانون والقيم والاخلاق، وإذا كان على الفنان أو المواطن العادى أن يحترم القيم والتقاليد وأساسيات الدولة المصرية بتراثها وأصالتها، فعلى الدولة أيضا أن تحترم المبدع طالما لا يتعدى المسافة الأخلاقية، لأننا أصبحنا شعباً منفلتاً لذلك  اوافق على قانون التظاهر لانه تنظيم للمظاهرات، التى هى فى الاساس مسيرات تعرقل خريطة الطريق وهو قانون لمجابهة الإخوان، الإخوان المسلمون خطأ مطبعى فى مدونة مصر الأصيلة.

 وماذا يضر المواطن المصرى فى أن يلتزم بالقانون ويتظاهر بموافقة ويحدد له مكان للتظاهر، والافضل أن يمنع التظاهر لمدة عام حتى تستطيع الدولة إعادة بناء مؤسساتها؟

ما رأيك فى شباب الثورة الذين انضموا مؤخرا للجنة الشباب بالمجلس الأعلى للثقافة.

 دخولهم المجلس الأعلى للثقافة بهذه الطريقة يعد ترضية ومجاملة غير مفهمومة هل هم من المثقفين ومن المبدعين من فنانين تشكيليين أو كتاب أو أدباء أو شعراء أو ممثلين أو مخرجين أو موسيقيين أو عازفين أو مطربين بما أنهم ليسوا من العائلة الثقافية فماذا يفيد وجودهم؟ لأن اساسا بداخل كل لجنة من لجان المجلس الاعلى للثقافة شباب ولكن متخصصين ومنحوا فرصة يستحقونها لتقديم الأفكار الجديدة.