الأحد 19 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

لا صوت يعلو فوق صوت الرصاص فى قنا




قنا - حسن الكومى
يعلق أبناء الوطن الكثير من آمالهم على الرئيس عبدالفتاح السيسى لاستعادة الأمن والأستقرار بعد سنوات الانفلات الأمنى والتسيب الذى ضرب البلاد إبان ثورة 25من يناير، وفترة حكم الرئيس المعزول محمد مرسى حيث تحولت محافظة قنا الى ترسانة من الأسلحة ومخزن لجميع انواعها وأصبح السلاح بديلا للعصا والنبابيت، وحل الرصاص مكان رقصات العصا والتحطيب فى الأفراح وتحول المسدس لعبة فى أيدى الأطفال، وباتت البندقية أهم من الفأس، ورفع الجميع شعار «من النهارده مفيش حكومة أنا الحكومة» وأصبح من لايملك قطعة سلاح لا يملك حريته واضطر الفلاح لبيع أرضه ومواشيه لاقتناء السلاح ليكون له سند وقت الشدة مما أدى الى زيادة الخلافات والخصومات الثأرية والقبلية بين العائلات، وقطع الطرق، والاستيلاء على الأراضى، والخطف مقابل الفدية.
وتحولت محافظة قنا مؤخرا الى بورصة تجارة الأسلحة الثقيلة والخفيفة حيث يستغل تجار السلاح المدقات والدروب الصحراوية وطرق الجمال بين دولتى ليبيا والسودان التى لا توجد بها أكمنة أمنية فى جلبها وترويجها بين ابناء المحافظة والمحافظات.
«روزاليوسف» تكشف النقاب عن البؤر الإجرامية التى حولت حياة المواطن القنائى الى جحيم.
انتهاء أسطورة نوفل لم ينه الاجرام فى حمرة دوم وابو حزام.
على بعد 60 كيلو مترا من مدينة قنا تقع أكبر وأخطر البؤر الإجرامية بمحافظة قنا قريتى حمرة دوم وأبوحزام فى حضن سلاسل الجبل الشرقى مما جعل موقعهما الجغرافى حائط صد ضد الحملات الأمنية وملاذا للخارجين عن القانون والمسجلين خطر ولايمكن للأمن دخولها الا بعد تكثيف التحريات ومعرفة كل صغيرة وكبيرة فى القريتين ويحشد أعداد هائلة من قواته حتى يتمكن من القبض على المطلوبين امنيا والهاربين من أحكام قضائية أغلبها قضايا قتل» وسرقات ومن أشهر العناصر الإجرامية فى قرية حمرا دوم المرحوم «نوفل سعد الدين» المعروف إعلامياً «بخط الصعيد» الذى قتل على ايدى رجال الأمن فى عام 2007.
يقول رضوان.م أحد أبناء مركز نجع حمادى إن القريتين تشكلان مثلث رعب فعمليات السرقة والخطف تتم فى وضح النهار ولا يمر أسبوع بدون حدوث حالة سرقة او خطف تنتهى بدفع فدية مالية والأجهزة الأمنية عاجزة عن القبض على الخاطفين وفى حالة مداهمة حملة أمنية للقريتين تجد صعوبة فى ذلك بسبب كثرة المطبات والأشجار والطبيعة الجبلية وكثيرا ما تشتبك العناصر الخطرة مع الأجهزة الأمنية تحتمى بالسيدات وكبار السن والمعاقين مما يضطر أجهزة الأمن فى بعض الأحيان للانسحاب.
وطالب رضوان بضرورة شن حملات أمنية مكبرة لتطهير تلك البؤر من العناصر الأجرامية وعودة الأمن للبلاد.
 «السمطا..  فوق القانون»
وعلى بعد 20كيلومترا من مدينة قنا تقبع قرية السمطا التى تتبع اداريا مركز دشنا وتضم 14نجعا من أشهرها نجع الجامع ومن الصعب دخول القرية من بعد صلاة العصر بسبب حظر التجوال الذى يفرضه أهلها ولا يلجأ أى مواطن هناك للامن لأخذ حقه فهم يقومون بذلك ولايوجد أى مظهر أمنى هناك فلا نقاط شرطية أو دوريات أمنية وسيارات نقل المواطنين داخل القرية بدون لوحة معدنية ولا تلتزم بالقواعد أما بالنسبة للخصومات الثأرية والصراعات المسلحة فحدث ولا حرج حيث تندلع المعارك على أقل سبب.
كما تشتهر السمطا بالاتجار فى المواد المخدرة والسلاح وخاصة بعد ثورة يناير حيث زاد حجم تجارة الأسلحة وارتفع ثمنها فقد وصل سعر البندقية الآلية إلى 35 ألف جنيه، والسلاح الآلى الكورى لـ22 ألفاً والإسرائيلى 25 ألفاً، أما الطبنجة فسجلت 15 ألفاً للألمانى و18 ألفاً لحلوان، كما وصل سعر الرصاص إلى 25 جنيهاً للواحدة، أما الرشاش الروسى فسعره ما بين 15 و20 ألفا، أما سلاح «البوشكة» فسعرها يتراوح ما بين 20 و25 ألف جنيه، أما سلاح الجرينوف فسعره يتراوح ما بين 40 و60  ألف جنيه، أما البندقية الإسرائيلى فيتراوح سعرها ما بين 25 و30 ألفاً وهى سعة 20 طلقة.
ونظرا لغياب أجهزة الدولة هناك تفتقر القرية للخدمات وتعانى من مشكلات الصرف الصحى وانقطاع المياه والحرائق بسبب اسلاك الكهرباء غير المغطاة والطرق فى السمطا عبارة عن مدقات لا تعرف الى الأسفلت طريقا فضلا عن انتشار تجارة السوق السوداء للسلع بها
 «الحجيرات..قرية النار والدم»
وعلى بعد 16كيلومترا من مدينة قنا تقع «الحجيرات» ويطلقون عليها هناك قرية «النار والدم» او مملكة الشيطان نظراً كثرة حوادث الثأر بها وتضم هذه القرية 6نجوع من أشهرها نجع «معلا» ويطلقون عليه عاصمة جهنم بسبب الخلافات الدائمة والصراعات المسلحة أبرزها مجزرة سرادق العزاء التى راح ضحيتها 7 اشخاص من عائلة «عبدالمطلب» وذلك أخذا لثأر طفل قتل من عائلة العمارنة عن طريق الخطأ. ولاتزال الخصومات الثأرية مشتعلة بلا مهادنة فالاطفال ينامون على صوت طلقات الرصاص ويستيقظون على بكاء ونحيب النساء لا يتوقف فلا يوجد أى بيت الا وبه حالة قتل.
وفى القرية ترتفع نسبة الأرامل والأطفال بالقرية يستطيعون فك السلاح وتركيبه ويعرفون جميع انواع المنشطات واسمائها وتنتشر بها ورش تصنيع الأسلحة وغياب الأمن وإنعدامه جعلها تستأسد وتستقوى وتشكل بؤرة إجرامية باتت تهدد حياة المواطن القنائى.
«جبل المراشدة»
ونأتى الى منطقة جبل المراشدة التى تحولت الى مأوى ومرتع لتجار المخدرات والخارجين عن القانون ومافيا الأراضى ونشوب صراعات مسلحة بين القبائل والأهالى على الأراضى الصحراوية حيث تم الاستيلاء بالقوة على اراضى الدولة ومشاريع شباب الخريجين عقب ثورة يناير.
وفى محاولة لمكافحة ظاهرة تجارة المخدرات تمكنت أجهزة الامن من ابادة ما يقرب من 5 أفدنة مزروعة بنبات البانجو، والأفيون المخدر .
وتشهد تلك المنطقة صراعات مسلحة بين أبناء قرى «دندرة والمراشدة والحميدات» بسبب زحف أهالى تلك القرى الى الاستيلاء على الأراضى بعدما قلت مساحة الرقعة الزراعية نتيجة اجتياح الطوفان الأسمنتى لها.
ويطالب الشباب فى القرى المجاورة للمنطقة من أجهزة الأمن بضرورة فرض سيطرتها على تلك المنطقة وتطهيرها من الخارجين عن القانون ومافيا الأراضى وإعادة توزيعها بشكل مقنن وعادل يخدم البلاد.
خصومات ثأرية
وكما نعرف أن السلاح يغرى على استخدامه لذلك تشتعل هناك حوادث القتل بلا سبب أو جريرة ومنها اشتعال 3 خصومات اخرى ومنها الصراع الثأرى الحدودى بين قرية «نجع البركة التابعة لمحافظة الأقصر وقرية «اسمنت» التابعة لمحافظة قنا حيث قام افراد من قرية نجع البركة التابعة لمحافظة الاقصر بقتل شخص وخطف 7 اشخاص كرهائن من قرية اسمنت التابعة لمحافظة قنا بسبب تعليق لافتات انتخابية، وتدخل فضيلة شيخ الازهر «احمد الطيب» وعدد من كبار العائلات وتم تهدئة الوضع بكلتا القريتين.
 كما اشتعلت مؤخرا خصومة «العتامنة»، «وآل عبدالقادر» وكلاهما من قبيلة واحدة وتدعى «هوارة» بقرية المعيصرة التابعة لمركز دشنا وأدى هذا الصراع الى مقتل شخص واصابة 11 آخرين يوم عيد الاضحى الماضى وتجددت الاشتباكات بين الطرفين بالقرب من شريط السكة الحديدى واستخدم فيها الأسلحة الثقيلة مما ادى الى توقف حركة القطارات لمدة يوم كامل وتسعى الأجهزة الامنية جاهدة الى عودة الهدوء والاستقرار وتحقيق المصالحات بين العائلات. وتعانى محافظة قنا من 61 صراعاً ففى مركز فرشوط بين عائلتى «السحالوة والمخالفة» وفى مركز قوص توجد 3 خصومات بين عائلتى «الديك» و«الدحو» بقرية المسير وابناء العمومة من عائلة العبايدة فى قرية خزام وعائلتى العروات والقرنات بقرية حجازة، «العتامنة والشرفا».
كما تشتعل 3 خصومات اخرى بقرية الحجيرات التابعة لمركز قنا بين عائلتى شحات وعبد القادر وكذلك العمارنة وعبد المطلب والثالثة بين عائلتى ابو جودة وعبد الباقى بقرية ابوحزام التابعة لمركز دشنا. وامتدت خصومات عائلة «العبايدة» الى قرية البراهمة فى مركز قفط التابع لمحافظة قنا بعد ثأرها من ابناء عائلة «ابو عليقي» بالاضافة الى 4 صراعات فى الآونة الاخيرة بين قبيلة «العرب» ممثلة فى السمطا «والحجيرات وقبيلة
الأشراف» ممثلة فى قرية الشويخات بسب خلافات مالية وتم تبادل خطف الاشخاص والسيارات بين القبيلتين وتبادل اطلاق الأعيرة النارية بين الطرفين مما أدى الى وفاة سائح كندى يدعى «جيف فرنسوا» يعمل استاذا بالمعهد الكندى بالقاهرة عن طريق الخطأ وتدخلت على الفورالأجهزة الامنية وكبار العائلات من الطرفين وتم إطلاق سراح الرهائن بين الطرفين
إنهاء 23خصومة
ولمواجهة هذه الظاهرة نجحت الأجهزة الأمنية، بإشراف المحافظ اللواء عبد الحميد الهجان واللواء محمد كمال مدير الامن ولجنة المصالحات بالمحافظة فى إنهاء 23خصومة ثأرية بالتصالح وكان آخرها الصلح بين قبيلتى العرب والهوارة بمركز نجع حمادى.
«مديرية أمن قنا استشهد4 من أبنائها خلال حملات أمنية»
ومن جانبه يؤكد اللواء محمد كمال مدير أمن قنا أن رجال الأمن لم يتأخروا ولم يتراجعوا لحظة عن أداء واجبهم وأن الحملات الأمنية على البؤر الإجرامية والمجرمين والخارجين عن القانون لم تتوقف.
وأشار مدير الأمن إلى أن 4 من رجال الامن دفعوا حياتهم ثمناً لأداء واجبهم الشرطى خلال حملات أمنية بمركزى دشنا وابوتشت حيث استشهد الملازم اول محمود حنفى معاون مباحث مركز ابوتشت ورقيب شرطة ابراهيم طايع خلال مأمورية بناحية قرية النجمة والحمران بمركز ابوتشت شمال قنا كما استشهد النقيب محمد خلاف، معاون مباحث المركز، والرقيب أحمد الصغير، وذلك بعد تبادل لإطلاق النيران خلال حملة أمنية على قرية فاو غرب التابعة لمركز دشنا لضبط هاربين من أحكام قضائية، وحائزى أسلحة نارية بدون ترخيص.
وأوضح كمال ان الحملات الامنية حققت تقدماً كبيراً ونجحت فى ضبط العديد من الأسلحة غير المرخصة، والخارجين عن القانون حيث تمكنت حملات المدرية فى الفترة من يونيو 2013الى مايو 2014من ضبط 7مدافع و516بندقية آلية كان آخرها 50بندقية تم ضبطها بمركز ابوتشت كما تم ضبط 296فرد محلى الصنع، و82 طبنجة وكميات كبيرة من الزخيرة.
وفى مجال تنفيذ قرارات الازالة نجحت المديرية فى تنفيذ 2809قرارات لإزالة التعديات على الأراضى الزراعية وأملاك الدولة.
واعترف مدير أمن قنا أن قرى حمرة دوم وابو حزام، والسمطا، والحجيرات تمثل البؤر الأكثر إجراماً بالمحافظة وتحتاج الى قوات خاصة لتطهيرها بالكامل ونوعية أسلحة متطورة للقضاء على البؤر الإجرامية بها تماماً نظراً لطبيعتها الجغرافية والجبال التى تحيط بها ويتخذها المجرمون مأوى لهم مؤكدا انه خلال الشهور القادمة ستشهد تلك البؤر حملات موسعة للقضاء عليها تماماً وتطهيرها من الخارجين عن القانون والمسجلين.