أكشاك توزيع عيش الغلابة.. ذل وبهدلة وبلطجة رغيف الخبز فى حالة سيئة جداً والطوابير تمتد بالمئات
محمد قبيصى
تحقيق وتصوير : محمد قبيصى
حيث اتفق اغلب الذين التقيناهم فى طابور اكشاك توزيع العيش بمحافظتى الجيزة والقاهرة الكبرى على ان هناك فشلًا تامًا فى تطبيق فكرة الاكشاك مما شوه منظومة الخبز الجديدة التى تتحدث عنها الدولة، وأنهم أصبحوا العوبة بين أصحاب المخابز والبلطجية المشرفين على هذه الاكشاك، واتفقوا جميعا على أن رغيف الخبز عيش الغلابة فى حالة سيئة للغاية إضافة إلى عدم توافره على الرغم من تصريحات المسئولين البراقة.
وفى الوقت الذى حذرت فيه هيئة الأرصاد الجوية المواطنين بعدم التعرض لأشعة الشمس المباشرة لفترات طويلة، خاصة ما بين وقتى الظهيرة والعصر، نظرًا لارتفاع حرارة الجو، تجد من تجلدهم لقمة عيشهم لضرورة البقاء تحت أشعة الشمس.
حيث مشهد الطوابير التى تمتد لمئات الامتار تجدها فى اغلب المناطق العشوائية امام اكشاك توزيع العيش، هذه الطوابير لا تعترف بكبير او صغير، رجل او امرأة، ولا يوجد فيها من يراعى قيم التحرش بين الواقفين او يخاف على سلامتهم، جميعهم يصطفون منذ الخامسة صباحا وقبل فتح الكشك انتظارًا للعيش ومنهم من يحصل على نصيبه المقرر ببطاقة التوزيع، ومنهم من يحصل على نصيبه من الاهانات والشتائم ولا يحصل على رغيف واحد.
اشار عبد اللاه ابرهيم محام.. يعيش فى منطقة الطوابق بشارع فيصل الى دور الجمعيات الأهلية الحاصة على تراخيص من وزارة التضامن وتمارس نوعًا من الاذلال اليومى على سكان المنطقة ويقول عبد اللاه ويعمل محاميا: لدينا جمعية رفعت الاشتراك الشهرى من 5 جنيهات كما هو مقرر الى 35 جنيهًا فى الشهر وتعمل بالسوق السوداء على حساب حصة المواطنين، وشهريا يقوم المدرس المشرف على ادارة هذه الجمعية بالتلاعب فى كشوف المستفيدين من حصة الخبز بعد ان يجنب جزءًا كبيرًا من العيش حيث يذهب للمواشى التى يقوم بتربيتها فى مزرعته الخاصة.
وبجانب هذه الهرجلة السوقية فى توزيع العيش فئة الخمس قروش كشفت مصادر بغرفة صناعة الحبوب باتحاد الصناعات أن الاجتماعات التى تمت بين أعضاء الغرفة وشعب المخابز أكثر من مرة مع الدكتور خالد حنفى سواء بالإسكندرية أو الوزارة هدفها تحرير سعر الدقيق، وهذا كان مطلبًا من عبد الله غراب- رئيس الشعبة العامة للمخابز - لم يجد من يجيبه إلى أن جاء الدكتور خالد حنفى وزير التموين والتجارة الداخلية الجديد، لافتة إلى أن ملامح المنظومة الجديدة تتمثل فى رفع تكلفة جوال الدقيق زنة 50 كيلو جرامًا إلى 143 جنيها و30 قرشا، وأن يكون وزن رغيف الخبز 90 جرامًا بدلًا من 130 مع الاحتفاظ بسعره الحالى 5 قروش لتخفيف الدعم عن كاهل الحكومة، وأن تصل تكلفة الجوال زنة 100 كيلو جرام استخراج 82% إلى 120 جنيها بدلا من الـ80 جنيهًا التى اعترض عليها أصحاب المخابز منذ عهد وزير التموين الإخوانى الدكتور باسم عودة، كذلك خلق منافسة بين أصحاب المخابز فى الإنتاج بجودة عالية كما يحدث فى المخابز الإفرنجية.
وتعرفنا اكثر على مشاكل توزيع العيش ومن أمام أحد اكشاك توزيع العيش بمنطقة ارض اللواء كان يقف الحاج محمد فى طابور لشراء الخبز الذى أكد أن الحصة التى أقرتها الحكومة لكل مواطن غير كافية خاصة بعد تخفيض وزن الرغيف واضاف: «اثنين من أولادى ليسا لديهما بطاقات تموينية وأعطيهما من حصتى فماذا أفعل عندما يكون الخبز على بطاقة التموين»، مضيفًا: ناكل منين يا حكومة احنا عايزين نعيش وربنا ينصر مصر.
وتؤكد الحاجة هدى «ربه منزل» من الوراق أن منظومة الخبز الجديدة عبر هذه الاكشاك مقززة وتهين المواطن الغلبان، فانا سيدة مسنة وفى أوقات كثيرة اقف بالـ 3 ساعات أمام الكشك الخشبى للحصول على «عشرة أرغفة» فى الوقت الذى نجد فيه تجار السوق السوداء يحصلون على مئات الأرغفة المدعمة، وتقول: أنها تشعر إن هذه المنظومة الجديدة لم تقض على بيع الدقيق فى السوق السوداء، والمطلوب إحكام الرقابة على المتاجرين بـ«قوت الغلابة».
ويؤكد عمرو رجب صاحب مكتبة بالمرج، أننا فى المرج هنا نحصل على رغيف الخبز بطريقتنا الخاصة، فقلت له: كيف؟ قال: سكان المرج وعين شمس بأكملها ونسبة كبيرة جدا تعرف ان الطريق الانسب للحصول على العيش المنزلى وانبوبة البوتاجاز لا يتم ذلك الا عن طريق البلطجية، فاغلب اكشاك توزيع العيش واحواش تعبئة الانابيب تدار من جانب عصابات وبلطجية معروفين.. ولذلك نحن نطالب الداخلية وهى تقود حملات لإزالة التعديات والاشغالات بالشوارع هذه الايام بأن تلتفت الينا وتقوم بعمل حملات مفاجئة ومعها مباحث التموين على اكشاك العيش والانابيب وسترى ما يسر قلبها لدينا، وعندما طلبت منه ان يبدى رأيه فى جودة الخبز بالمرج، قال لى فى كلمة واحدة: الجودة سيئة جدًا ولا نظام يحكمها، وحصول المواطن على خمسة أرغفة التى تم تحديدها من قبل وزارة التموين لا يكفى أيضًا.
اما اصحاب المخابز فكان لهم راى اخر فى تجربة الاكشاك، يؤكد ثروت الاسيوطى صاحب أحد المخابز بصفط اللبن أنه تم تطبيق أكثر من منظومة فى العهود السابقة لتحسين انتاج وتوزيع رغيف العيش المدعم وكل منظومة تتغير يكون لأصحاب المخابز مستحقات لدى الوزارة لم يحصلوا عليها إلى الآن.
ويشير الاسيوطى إلى أنه عند تطبيق المنظومة الأولى مازالت له شخصيا مستحقات تبلغ 22 ألف جنيه لم تصرف حتى الآن وفى المنظومة الثانية وصلت مستحقاته إلى 70 ألف جنيه متسائلا: إلى متى يظل أصحاب المخابز تحت رحمة المسئولين.
وأعرب صاحب مخبز آخر ويدعى بدوى عثمان «صاحب مخبز بالعمرانية» عن غضبه بسبب تحرير سعر الدقيق، والذى كان يباع بدعم حكومي، موضحا أن هذا يكبد أصحاب المخابز خسائر فادحة، مشيرا إلى أن نقص وزن الرغيف سيشعل أزمة فى توفير العمالة حيث كان العامل يتقاضى 7 جنيهات على الشيكارة الواحدة أما الآن لن يأخذ أقل من 10 جنيهات مضيفًا أن رفع الدعم عن رغيف الخبز ليصبح الرغيف الواحد بـ35 قرشًا بدلًا من 5 قروش هو أزمة حقيقية غير مسبوقة لا نعلم ستصل بنا إلى أين، وعندما سألته عن معاناة المواطنين امام اكشاك التوزيع قال: نحن كأصحاب مخابز غير ملزمين فقط الا بالانتاج ونعلم ان هناك مهازل يومية تحدث امام اكشاك التوزيع لكن هذه ليست قضيتنا.
واكدت مصادر رسمية بوزارة التموين والتجارة الداخلية، انه لا مساس برغيف الخمسة قروش من اجل محدودى الدخل وان انتاج العيش المحُسن بسعر 10 قروش لن يكون ابدا بديلًا للرغيف فئة الخمسة قروش، وقالت المصادر إن فكرة اكشاك توزيع العيش جاءت لفصل الانتاج عن التوزيع ومراقبة المخابز والحد من تهريب الدقيق فى السوق السوداء.