الثلاثاء 21 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

أنبياء الله.. آدم (عليه السلام)




أخبر الله -عز وجل- ملائكته بخلق آدم -عليه السلام- فقال تعالى: {إنى جاعل فى الأرض خليفة} _[البقرة: 30] فسألت الملائكة الله -عز وجل- واستفسرت عن حكمة خلق بنى الإنسان، وقد علمت الملائكة أن من الخلق من يفسد فى الأرض، ويسفك الدماء، فإن كانت الحكمة من خلقهم هى عبادة الله، فهم يعبدونه.
 فقالوا لله: {أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك} [البقرة: 30] فأجابهم الله -عز وجل- عن استفسارهم بأنه -سبحانه- يعلم الحكمة التى تخفى عليهم، فإنه -سبحانه- سيخلق بنى البشر ويجعل فيهم الرسل والأنبياء والصديقين والصالحين والشهداء، والعلماء والعاملين لدين الله، والمحبين له، المتبعين رسله، قال تعالى: {قال إنى أعلم ما لا تعلمون} [البقرة: 30].
وخلق الله -سبحانه- آدم من تراب الأرض ومائها، ثم صوَّره فى أحسن صورة
ثم نفخ فيه الروح، فإذا هو إنسان حى من لحم ودم وعظم، وكان ذلك يوم الجمعة، قال النبى صلى الله عليه وسلم: (خير يوم طلعت فيه الشمس يوم الجمعة، فيه خُلق آدم، وفيه أُدخل الجنة، وفيه أُخرج منها، ولا تقوم الساعة إلا فى يوم الجمعة)_[متفق عليه] وقال صلى الله عليه وسلم: (إن الله تعالى خلق آدم من قبضة قبضها من جميع الأرض، فجاء بنو آدم على قدر الأرض، فجاء منهم الأحمر والأبيض والأسود وبين ذلك، والسهل والحَزْن (الصعب)، والخبيث والطيب) [الترمذي].
ولما صار آدم حيًّا، ودبَّت فيه الحركة علمه الله -سبحانه- أسماء كل شيء ومسمياته وطرائق استعماله والتعامل معه من الملائكة والطيور والحيوانات وغير ذلك، قال تعالى: {وعلَّم آدم الأسماء كلها} [البقرة:31] وأراد الله -عز وجل- أن يبين للملائكة الكرام فضل آدم ومكانته عنده، فعرض جميع الأشياء التى علمها لآدم على الملائكة، وقال لهم: {أنبئونى بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين} [البقرة:31] فقالوا: {سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم } [البقرة:32].
فأمر الله آدم أن يخبرهم بأسماء هذه الأشياء التى عجزوا عن إدراكها، فأخذ آدم يذكر اسم كل شيء يعرض عليه، وعند ذلك قال الله -تعالى- للملائكة:
{ألم أقل لكم إنى أعلم غيب السموات والأرض وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون} [البقرة: 33].
ودار حوار بين آدم -عليه السلام- والملائكة حكاه لنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: «خلق الله آدم -عليه السلام- طوله ستون ذراعًا، فلما خلقه قال: اذهب فَسَلِّم على أولئك -نفر من الملائكة- فاستمع ما يحيونك، فإنها تحية ذُرِّيتك، فقال: السلام عليكم، فقالوا: السلام عليك ورحمة الله فزادوه ورحمة الله...»_[متفق عليه].
وأمر الله الملائكة أن يسجدوا لآدم تشريفاً وتعظيماً له فسجدوا جميعًا، ولكن إبليس رفض أن يسجد، وتكبر على أمر ربه، فسأله
الله -عز وجل- وهو أعلم: {يا إبليس ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدى أستكبرت أم كنت من العالين} [ص:75] فَرَدَّ إبليس فى غرور: {أنا خير منه خلقتنى من نار وخلقته من طين} [ص: 76] فطرده الله -عز وجل- من رحمته وجعله طريدًا ملعونًا، قال تعالى: {فاخرج منها فإنك رجيم وإن عليك لعنتى إلى يوم الدين} _[ص: 77-78].
فازداد إبليس كراهية لآدم وذريته، وحلف بالله أن يزين لهم الشر، فقال إبليس: {فبعزتك لأغوينهم أجمعين . إلا عبادك منهم المخلَصين} [ص: 82-83] فقال الله -تعالى- له: {لأملأن جهنم منك وممن تبعك منهم أجمعين} [ص:85] وذات يوم نام آدم -عليه السلام-، فلما استيقظ وجد امرأة تجلس إلى جانبه فسألها: من أنتِ؟ قالت: امرأة، قال: ولِمَ خُلِقْتِ؟ قالت: لتسكن إليَّ، ففرح بها آدم وأطلق عليها اسم حواء؛ لأنها خلقت من شيء حي، وهو ضلع آدم الأيسر.