الأحد 19 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

«مصرفيون» يطرحون حلولًا عاجلة لوقف نزيف احتياطى النقد

«مصرفيون» يطرحون حلولًا عاجلة لوقف نزيف احتياطى النقد
«مصرفيون» يطرحون حلولًا عاجلة لوقف نزيف احتياطى النقد




تحقيق – هيثم يونس
طالب عدد من الخبراء والقيادات المصرفية الحكومة بضرورة اتخاذ حزمة من الإجراءات والسياسات بهدف تنويع مصادر جذب العملات الأجنبية وزيادتها لوقف نزيف الاحتياطى من النقد الأجنبى لدى البنك المركزى من ناحية، وذلك بعد أن دخل فى مرحلة حرجة، وتراجع احتياطى النقد الأجنبى بقيمة 1.027 مليار دولار فى نهاية شهر نوفمبر الماضى لتتراجع قيمته الإجمالية إلى 15.882 مليار دولار مقارنة بنحو 16.909 مليار دولار بنهاية الشهر السابق له. وحذر المصرفيون من خطورة استمرار تدنى معدلات تدفق العملات الصعبة، مؤكدين أن حد الأمان الدولى للاحتياطى النقدى يبلغ نحو 30 مليار دولار والذى يلبى تغطية احتياجات الدولة من السلع الاستراتيجية لنحو 4-6 أشهر على الأقل بينما حجم الاحتياطى الحالى يفى بتغطية احتياجات 3 أشهر فقط، فى ظل أن الاقتصاد القومى يعتمد على دخول «ريعية» ليست مستقرة وقائمة على قاعدة من الإنتاج والتصنيع والتصدير فى القطاعات الزراعية والصناعية، وإنما يعتمد بنسبة كبيرة على إيرادات قطاع السياحة وتحويلات المصريين العاملين بالخارج، إلى جانب دخل هيئة قناة السويس إضافة إلى المساعدات الخارجية.
وأكدت الدكتورة فايقة الرفاعى، وكيل البنك المركزى سابقا، إن اجمالى الواردات خلال 2013-2104 بلغ 60 مليار دولار موزعة على 12 شهرا، وبما يعادل 15 مليار دولار حجم واردات لكل 3 أشهر.
وأوضحت وكيل البنك المركزى سابقا أن صافى الاحتياطى النقدى من العملات الأجنبية لدى البنك المركزى يكفى لتلبية احتياجات مصر من الواردات لمدة 3 أشهر فقط، ما يشكل الحد الأدنى المطلوب، موضحة أن صافى الاحتياطى النقدى إذا ما تضمن ودائع لأجال خاصة لدول أو مؤسسات مالية أخرى فلابد للحكومة من بحث مصادر تعويضها قبل استحقاقها. وأشارت الرفاعى إلى أن المشكلة تكمن فى أن مصر للأسف دخلها «ريعى»، فالعجز فى الميزان التجارى متزايد وحجم الواردات 60 مليار دولار مقارنة بحجم الصادرات، فضلا عن أن الاقتصاد به عجز كبير ونعتمد فى إيراداتنا من النقد الاجنبى على قطاع السياحة وتحويلات العاملين فى الخارج وموارد هيئة قناة السويس وبعض المساعدات والمنح الواردة من بعض الدول، وبالتالى لا يقوم على الإنتاج والتصنيع والتصدير، وهى دخول تسمى عوائد ريعية غير مستقرة. ولفتت وكيل البنك المركزى سابقا إلى أن العوائد الريعية ليست مرتبطة بقاعدة إنتاجية زراعية وصناعية ومن المفترض أن الاحتياطات تفوق سد احتياجات مصر من واردات السلع الاستراتيجية لمدة تتراوح بين  4-6 أشهر وبالتالى فنحن فى حاجة إلى توفير صافى احتياطى نقدى من العملات الأجنبية بنحو من 20 – 30 مليار دولار للتوافق مع معايير الأمان الدولية.
وأكدت الرفاعى أن انخفاض صافى الاحتياطى النقدى إلى 15.8 مليار دولار ليكفى حاجة مصر من الواردات لمدة 3 أشهر فقط مقابل الدخول الريعية للاقتصاد القومى ما يعنى أن الاحتياطى دخل فى مرحلة حرجة وغير آمنة. وطالبت الحكومة بإجراءات عاجلة لمساندة الاحتياطى النقدى لدى البنك المركزى وفى مقدمتها ترشيد الإنفاق الحكومى ودعم الصادرات المصرية ومساندتها لفتح أسواق خارجية جديدة لزيادة معدلاتها ومواردها من العملات الصعبة وتقنين الواردات الترفيهية أو الاستفزازية إلى جانب منح مزايا للمستثمرين المحليين للتوسع فى مشروعات صناعية وزراعية لزيادة معدلات الإنتاج لتحل محل الواردات والتقليل منها والتى تستنزف بدورها الاحتياطى النقدي، فضلا عن ضرورة استغلال المؤتمر الاقتصادى المقبل للترويج لجذب الاستثمارات الأجنبية الوافدة والتركيز على القطاعات الإنتاجية الزراعية والصناعية ورفع الكفاءة فى تلك القطاعات لتنمية صادراتها ودعم منافستها فى الأسواق الخارجية.
وأضافت: إن غلق وتعليق أعمال بعض السفارات الأجنبية سيكون له تأثير سلب على المدى البعيد إذا ما استمرت مخاوف تلك السفارات من عدم الاستقرار الأمنى والتى تؤثر بدورها على إيرادات قطاع السياحة والذى يعد موردًا رئيسيًا للعملات الصعبة.
وقالت وكيل البنك المركزى سابقا إن المؤتمر الاقتصادى المقبل يمكن الاستفادة  منه  بإقناع مؤسسات مالية دولية أو بنوك مركزية أخرى تقوم بإيداع ودائع لدى البنك المركزى لاستثمارها لكنها ستلقى عبئًا على البنك المركزى فى استثمار تلك الودائع بشكل آمن  وبعائد مرتفع إلا أن هذه الودائع سيتم سحبها مرة أخرى طبقا لأجال استحقاقها وبالتالى نحن فى حاجة ماسة إلى قاعدة إنتاجية صناعية وزراعية محلية وتنشيط السياحة الوافدة لتنمية موارد الدولة من العملات الصعبة. وبما أن الدولار يشكل نسبة كبيرة من سلة العملات الأجنبية لدى البنك المركزى كما إن جميع التعاملات بين مصر والخارج تتم بالدولار طالبت فايقة بتنويع التعاملات بمختلف العملات الأجنبية «اليورو الاسترلينى ـ الين» وغيرها وتقنين التعامل بالدولار الامريكى ومن المفترض أن الدولة التى نقوم بالتصدير إليها نتلقى عملتها وكذلك الدولة التى نستورد منها إلا أن هذا يحتاج  إلى سوق صرف أجنبية فى مصر ومباشر وفعال وهو ما تفتقده مصر حتى الآن، ما يجعلنا مضطرين للتعامل بالدولار أكثر. ونوهت الرفاعى إلى أن هناك دورًا ومسئولية على الدولة، علاوة على تكثيف جهود وزارتى الخارجية والداخلية فى طمأنة وتأمين  البعثات الدبلوماسية ومقار السفارات ومكاتب التمثيل التجارى حتى لا تتأثر الوفود السياحية سلبا التى تقصد مصر، إلى جانب منع تراجع واردات قطاع السياحة التى تعد موردا مهمًا للنقد الأجنبي، إلى جانب عقد مؤتمر دولى للإرهاب والذى دعت إليه الحكومة مؤخرا.
فيما قال إسماعيل حسن، محافظ البنك المركزى الأسبق، ورئيس مجلس إدارة بنك مصر إيران إن الاحتياطى النقدى يجب أن يلبى احتياجات مصر الاستراتيجية عند الحاجة إليه وأن العبرة باستخدام وإدارة الاحتياطى النقدى كما أن هناك متغيرات معلومة للكثير، حيث تقلصت فيها موارد السياحة والاستثمار الاجنبى ما شكل عبئًا إضافة إلى بعض الالتزامات الخارجية وكل هذا يؤثر فى الاحتياطى النقدى بالنقص، مؤكدا أن العبرة فى تبنى الحكومة واتخاذ الإجراءات التى تساهم فى استعادة الاحتياطى المفقود واتباع سياسات تساعد على زيادة الإنتاج وتبنى  خططًا لتشجيع الاستثمار الاجنبى وجذبه.
وشدد إسماعيل على ضرورة تنفيذ الخطط التى تسهم فى جذب الاستثمارات وتهيئة البيئة لتحسين مناخ الاستثمار وفى ضوء هذه الإجراءات وإمكانية استعادة ما يفقد من الاحتياطى النقدى يتحدد درجة الأمان وحدوده لتلبية احتياجات البلاد وكذلك الشعب مطلوب منه المساهمة فى تحقيق الاستقرار الذى يعد محورًا رئيسيًا فى تهيئة المناخ الجاذب للعملة الصعبة وزيادة تدفقات وموارد العملات الأجنبية سواء من قطاع السياحة أو الاستثمار أو تحويلات العاملين فى الخارج. وأضاف الدكتور شريف دولار، أنه منذ بداية ثورة 25 يناير والاحتياطى النقدى الاجنبى لدى البنك المركزي  ليس فى الحدود الآمنة والتى تتمثل فى تغطية على الأقل من 6- 9 أشهر من الواردات السلعية، ولكن المشكلة الأخطر هى أن يحتوى معظم الاحتياطى أو جزء من المتوفر لدى البنك المركزى يعد  ودائع تضعها الدول العربية والتى تجعل منه احتياطي «هش» لكون أن تلك الودائع منها ما لها مواعيد لردها  آجال استحقاق. وأكد دولار أن هذا الوضع متراكم ويتزايد منذ 4 سنوات، لكن هناك مؤشرات تحسن، منها تزايد تحويلات المصريين بالخارج وما سوف تجلبه المشروعات القومية من عوائد خلال السنوات المقبلة، الاحتياطى مرتبط بشكل كبير بمواردنا من النقد الاجنبى سواء من قناة السويس وهى ايراداتها ثابتة وتتزايد ولكن تراجع إيرادات قطاع السياحة وتحويلات المصريين العاملين بالخارج والتى تأثرت وتراجعت فى وقت سابق، إضافة للعجز فى ميزان المدفوعات  إلى جانب تزامن ذلك مع رد وديعة قطر الدولارية  2.5 مليار دولار مرتبطة بالوضع السياسى والأمنى كلها عوامل أثرت فى حجم الاحتياطى النقدى الاجنبى لدى البنك المركزى وليس من العدل ونحن نمر بظروف اقتصاديات صعبة المقارنة  بنفس ظروف الاقتصاديات العادية.
وتابع: هذا بخلاف السوق السوداء للعملات الأجنبية التى تعمل بعيدا عن أعين الرقابة، فالسوق الموازية التى تمثل شركات الصرافة التى تعمل بشكل شرعي، بدل ما كانت تمثل نسبة ضئيلة لها أهميتها فى تحقيق توازنات أسعار الصرف التى طغت نسبتها على الجهاز المصرفى وبدأت فى تشكيل خطورة على الاحتياطى من النقد الأجنبى لدى البنك المركزي.