الخميس 9 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

رشاد كامل يكتب: مذيع «بى.بى.سى» فى الفضائيات العربية

رشاد كامل يكتب:  مذيع «بى.بى.سى» فى الفضائيات العربية
رشاد كامل يكتب: مذيع «بى.بى.سى» فى الفضائيات العربية




هذا التصريح جاء على لسان مدير فضائية «بى.بى.سى» تونى هول بعد نحو أسبوعين من إيقاف أشهر مذيعى الـ «بى.بى.سى» عن العمل وتقديم برنامجه الشهير «توب جير» الذى يبلغ عدد مشاهديه حول العالم نحو 350 مليون مشاهد (ثلثمائة مليون) أى نحو ثلث مليار مشاهد.
كانت عبارة تجاوز الخط الأحمر هى العبارة التى توقفت أمامها طويلاً، وبين الدهشة والعجب والتفكير، رحت أفكر فى مغزى ودلالة ما فعله المذيع الشهير الذى جعل من برنامج ممل وسخيف عن سباق  السيارات وعالم السيارات إلى أشهر برنامج ويتابعه على اليوتيوب نحو ثلاثين مليون متابع!!فى خلال سنوات قليلة!
كنت أظن ــ وليس كل الظن إثم ــ أن المذيع تجاوز الخط الأحمر وطالب بتحويل بريطانيا من مملكة إلى جمهورية مثلاً!!
كنت أظن أنه طالب بإقامة نظام شيوعى اشتراكى ثورى بدلاً من النظام الرأسمالى الإمبريالى الموجود!!
كنت أظن أنه طالب بإقامة الدورى الإنجليزى بدون جمهور!!
كنت أظن أنه طالب بإقالة مدرب فريق «تشيلسى» السيد جوزيه مورينيو بعد إهماله للفرعون المصرى «محمد صلاح» وجلوسه على دكة البدلاء ويعيره إلى فورنتينا الإيطالى فيبدع ويتألق!!
كنت أظن ــ مثلاً ــ أن المذيع هاجم فى أحد برامجه قيادات الجماعة واتهمها لا سمح الله بالإرهاب وأذاع نص التقرير الذى تحتفظ به الحكومة البريطانية عن ممارسات الإخوان فى لندن وعلاقاتهم بالإرهاب!
كنت أظن أنه طالب الحكومة البريطانية بالانسحاب من الاتحاد الأوروبى والانضمام إلى اتحاد آسيا!!
كان كل هذا الظن ــ أو هذه الظنون من جانبى ــ ليست حقيقية بل هى مجرد هلاوس أصابتنى مثل هلاوس مذيعى مكملين ورابعة!
كان الخط الأحمر الذى تجاوزه المذيع هو مشاجرة مع منتج برنامجه حول قطعة لحم «حتة لحمة» وليس كيلو كباب وطرب وكفتة وهو ما دعا إدارة «بى.بى.سى» لفتح تحقيق داخلى حول هذه القضية الخطيرة التى هزت الأمن القومى داخل الـ «بى.بى.سى».
وعلى ما يبدو فالحكاية مش حكاية حتة لحمة مشوية أو مسلوقة الحكاية أعمق وأكبر وأخطر أو كما يقول «ديفيد سيلتيو» محرر الشئون الإعلامية فى «بى.بى.سى» أن الاستغناء عن كلاركسون لا علاقة له بأسلوبه ولا بآرائه أو شعبيته ولا حتى باللغة التى يستخدمها فى البرنامج إنما يتعلق الأمر بنجوم التليفزيون وما يسمح لهم به دون عقاب بعيدًا عن الشاشة وهو  أمر تضعه «بى.بى.سى» على رأس أولوياتها منذ شهور(!!).
فالهيئة تركز جميع سياستها وقواعد عملها ضد ترهيب الغير والتحرش بهم والاعتداء جسديًا على أى شخص يعد خطًا أحمر لا يفلت من العقاب من يتجاوزه!!
ومضى الرجل يقول: ربما يملك كلاركسون جمهورًا كبيرًا ولا تريد «بى.بى.سى» أبدًا أن تخسره، لكنه نجم اعترف بأنه تلقى تحذيرات من قبل كما أن الهيئة تحاسب على ما يقوم به نجومها من مخالفات دون عقاب!!
هذه هى القضية باختصار كما تراها «بى.بى.سى» مذيعها النجم تجاوز الخط الأحمر بما فعله، وقواعد عملها ضد ترهيب الغير والتحرش بهم والاعتداء جسديًا على أى شخص!! كما أن الهيئة تتم محاسبتها  على ما يقوم به نجومها من مخالفات لا تتم معاقبتهم بسببها!!
هل هذا هو ميثاق الشرف الإعلامى والأخلاقى الذى يتشدق به ليل نهار أفندية وهوانم وأصحاب الفضائيات عندنا؟!
ولو طبقنا هذه القواعد فى عالمنا العربى بنفس هذه الصرامة و«الحنبلة» لأغلقت أكثر من ألف فضائية وتم إيقاف وفصل وتسريح كل مذيعيها ومذيعاتها!! ليعودوا إلى مهنتهم الأصلية.
مسكين هذا المذيع الذى أصبح فجأة فى الشارع، لا شغلة ولا مشغلة، لماذا لا يدعوه أحد أصحاب الفضائيات الخاصة فى مصر أو العالم العربى ليعمل فيها معززًا مكرمًا وليس عندنا هذه التفاهات المسماة بالخطوط الحمراء، فهو يستطيع أن يسب ويشتم من يشاء فيصبح بطلاً قوميًا ويروح لمشاهديه ويصفهم بأنهم بهايم فيصفق له أصحاب المحطة، ويتهم من يشاء بالعمالة والفكر والإلحاد دون أن يردعه صاحب محطة أو صاحب قلم.
وبدلاً من تخصصه القديم فى برنامج عن السيارات فهو فى فضائياتنا السعيدة النبيهة يستطيع بكل بساطة أن يكون ناشطًا ومحللاً وخبيرًا وناقدًا وكذابًا وهجاصًا دون أن تقوم الدنيا وتقعد.
يا مستر «كلاركسون» أهلاً بك عندنا ويا مرحبا يا مرحبا!!