الثلاثاء 1 أكتوبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

نريدها ثورة فى الفكر الدينى.. لا ثورة على الدين

نريدها ثورة فى الفكر الدينى.. لا ثورة على الدين
نريدها ثورة فى الفكر الدينى.. لا ثورة على الدين




كتب: د. حسن على
أتابع بقلق وألم تلك الهجمة المكثفة على هذا الوطن الحبيب.. هجمات على حدوده ووجوده، مقدراته، دينه وقيمه وثقافته.. أتابع ما يجرى بحق الوطن من جرائم تحت ستار التجديد والتطوير من جهة، وما يجرى أيضا من جرائم لا تقل عنها خطورة تحت ستار حماية الدين وحفظ القيم وغير ذلك مما يثار تبريرا لحالة الانحطاط الفكرى التى عاشها المسلمون قرونا تحت نير الاستعمار من جهة أخرى.
أتابع تلك الحملات التى يقف خلفها بعض صبية عابثين (من الطرفين) فى وسائل اعلامنا، وأعجب من توقيتها وشخوصها ومساحتها وتكلفتها ومن اللاعبين خلف الكواليس، أتابع كل ذلك فأتذكر تلك الاغنية اللطيفة التى تقول فى مقطع منها (خدوا بالكم دى مصر).. انها مصر ضعوها فى اعينكم ولا تجعلوا من خلافاتكم مدخلا للشقاق فيجرى بها ما يجرى فى سوريا وليبيا واليمن.. انها مصر ياسادة.
نختلف أو نأتلف لكن لا ننسى فى خلافاتنا أن الوطن فى خطر وان ترف الفزلكات الفكرية والترهات الحنجورية التى تجرى برعاية من القاهرة والناس لا نحتاجها الآن ولا نريدها، حدثونى كيف نبنى مصر ولا نهدم اركان الدولة فى ثورة غضبنا من بعضنا البعض، حدثونى كيف ننقى التراث ونحمى ديننا مما علق به فى فترات الظلام من فكر شاذ ولا نهدم الدين نفسه فى غمرة اشتياقنا للتصويب والتصحيح والتنقية.
الوطن بحاجة الى جراحة عاجلة لكنه ليس بحاجة الى اطباء صغار يتدربون فيه، ليس هذا وقتهم الآن!، أقول لا بأس أن نختلف وأن نتجادل وأن نبحث عن الخلاص لوطننا من براثن الفقر والجهل والمرض ولكن لا بد أن ننتبه أثناء معاركنا الفكرية أن الوطن حاليا يمر بمرحلة دقيقة لا تحتمل المنظرة وان احتاج الى المناظرة، بل مناظرات، الوطن الآن لا يحتمل الثرثرة الفارغة وان احتاج الى التفكير بصوت عال فى عراك مثمر بناء.. لا بد ان نقرر بداية انه لا بأس أن نختلف من أجل وطننا لا أن نختلف عليه وكذلك ديننا نختلف من أجله ليعود صافيا كما كان ولا نختلف عليه فنهدمه بدعوى التنوير والتحرير والتثوير.
ومن أسف، أن صناع الاعلانات وتجار الآثارة فى هذا الزمان وجدوها فرصة فى غياب المجلس الاعلى للاعلام وغياب بيئة قانونية وأخلاقية وبنية مؤسسية تراقب وتحاسب وتدقق وتنظم صناعة الاعلام، وجدوها فرصة فى انشغال الدولة بالامور الجسيمة والأخطار التى باتت تهدد الوجود لا الحدود، اقول وجدوها فرصة ليضاعفوا دخولهم وتجارتهم، فقدموا لنا بعض الحمقى فى صورة مذيعين او باحثين او مجددين لا يعرفون شيئا عن الامن القومى والمصالح العليا للبلاد، فراحوا يعبثون بالدين (ظنا منهم انه التنوير) فيثور الناس لدينهم فتزداد نسب المشاهدة فتأتى الاعلانات وتتراكم الثروات باستخدام برامج تافهة ينهض بها تافهون.
نحن نعتقد فى أن حريتا التفكير والتعبير هما المدخل الحقيقى لنهضة مصر ولم نسعد ولم نشمت فى هذا البحيرى حين منع النائب العام برنامجه لأننا ضد الاغلاق والمنع والمصادرة، نحن مع حرية التعبير المسئولة التى تبنى ولا تهدم.
وايمانا بحرية التعبير واحترام القانون عبرنا عن غضبنا من القاهرة والناس بالطرق المشروعة من كتابة مقالات للرأى العام فى صحف مصرية الى استخدام الفيس بوك ثم كان لجوء الازهر الى النائب العام حامى الحريات والامين على مصالح البلاد آخر المطاف بعد 300 حلقة من برنامج سخيف احتوى على كثير من الفهلوة والفزلكة والجرأة غير المسبوقة على هذا الدين.
نعم.. توجد خطايا فى كتب صفراء خطها متخلفون فى مراحل تدهور الدولة الاسلامية عبر عصور الجهل والظلام وتحت استبداد سياسى وقمع فكرى فهل هذا مبرر لأن يمسك بالصاجات الاخ بحيرى ويرقص عشرة بلدى (.. يا ناس، يا هو.. الحقوووا.. أنا لقيت الدين حاجة كده تخاريف مشايخ) ثم انفجرت موجة من الاسفاف والتدنى والتردى عبر الشاشات ورأينا شبابا يلحد وتستضيفه فضائيات رجال الاعمال فرحة به
أقول لمن لديه ذرة من حب لهذا الوطن : إن البحيرى ومن على شاكلته قد أصبحوا حملا ثقيلا على صناع التنوير الحقيقى ويسيئون فعلا الى جهود تنقية التراث ولا داعى لوضع انفسهم فى صف محمد عبده او رفاعة او غيرهما.
اننا نؤكد بحاجة الى ثورة فكرية ومراجعات علمية حقيقية دقيقة.. مراجعات تهدف الى التصويب والتصحيح والنهوض بفكر الامة لا مراجعات تتوقف عند الاخطاء وتجعل منها مبررا لنقض الدين كله وتشكيك الشباب فى دينهم.
نريد غربلة وتنقية التراث ولكن ليست على طريقة البحيرى فى السب والشتم غير مقبول ان يقول على الائمة الاربعة السفلة او القتلة فى اكثر من حلقة... هناك أدب المحاججة والمناظرة والاختلاف وهى كلها بعيدة عن متناول السيد بحيرى الذى نود مناقشته بهدوء فى تساؤلات بسيطة لعله يهدأ ويناقش بعقلانية بدلا من العصبية التى رأيناها عبر الشاشات.
السيد بحيرى صاحب مشروع فكرى، مجدد، متنور.. فهل يحدثنا عن منهجه الذى سار عليه؟؟ وهل هذا المنهج ملائم لموضوع البحث؟ ما الادوات وما المقاييس؟ ما الشواهد؟ ما القواعد؟ ما العلوم التى حصلها لتعينه على التحليل والاستنباط؟ لا نعرف عن البحيرى سوى صوت زاعق فرحا بما وجد فى سلال زبالة التاريخ من من آراء فقهية وليدة عصور الانحطاط التى عاشها المسلمون تحت الاستعمار او الاستحمار البغيض.
هناك فضيلة التواضع التى يتسم بها اهل الفضل والعلم، لم اجدها فى السيد بحيرى فى خطابه ومناقشاته مع العلماء عبر الشاشات، فقط ذات متضخمة، عنجهية لا تليق بعالم لمسناها فى رده على السيد اسامة كمال مذيع القاهرة والناس وهو ينهره لعاشر مرة فى مناظرته مع مندوب الازهر فقط يرد (أنا لغتى كده.. لغة اسلام البحيرى، لغتى اللى حاقابل بها لاقاضى).
 هناك لطف الحديث الذى يتسم به المتحضرون المتعلمون، لم اجده عند المجدد بحيرى فى مساجلاته الفكرية مع مخالفيه، وحسبكم آخر مناظرة له مع الا ستاذ عبد الله رشدى فى القاهرة والناس كيف ثار وكيف (هلفط) حتى احتد عليه المذيع لضبط الحوار وكف حماقاته عن الضيف المناظر!
 هناك دقة التعبير التى يتسم بها العلماء لكنها تغيب عن الاخ البحيرى فهو لا يعرف شيئا عن علوم التوحيد والعقيدة فوقع فى مطب المشبهة وهو يتحدث عن ذات الله عز وجل فالرجل مسكين لا يعرف من علوم التوحيد شيئا؟! هو ظاهرة صوتية، جعجاع، يستخدم لغة مبتذلة ليخيف مخالفيه!
ان كان الهدف الذى تسعى اليه القاهرة والناس هو تجديد الخطاب الدينى فنحن معهم، أما ان كان الهدف التشهير وبث الكراهية وازدراء الدين فنحن واقفون لهم بالمرصاد لأنها مصر ولأنه الدين.
نريد تجديدا فى الفكر والخطاب.. نعم... لكن بدون غرور وبدون انحطاط فى لغة الحوار والمناظرة، نريد ترسيخ ادب الاختلاف والخلاف، لا نريدها منظرة لجلب الاعلانات وبيع الدين بالدنيا.
السيد بحيرى يدعى ان لديه مشروعا فكريا.. حسنا على الرحب والسعة ولكن منذ متى كان التليفزيون هو المكان الملائم لمناقشة المشروعات الفكرية؟. ومنذ متى كان جمهور العوام طرفا فيها؟ ومنذ متى كان للقاهرة والناس اهتمام بالدين أصلا؟!