
هناء فتحى
ربيع يناير ونسيم يونيو
وسط هذا الطقس الملتبس، أنت لن تستطيع أن تتبين موضع خطاك التائهة، فى المسافة الواصلة ما بين غيوم يناير 2011 وصحو يونيو 2013، ولسوف يربكك المشهد والمسرح السياسى المصرى بفصوله الركيكة غير المتصلة، ولسوف يعييك بحثك الفاشل عن «الحبكة».
والأهم من ذلك كله أنك سوف تسأل (ولكن لا تنتظر أن يجيبك المنادى من مكانه السحيق): ما الذى يفعله فلول النظامين الأسبقين فى مصر الآن؟!، بل ما الذى يفعله أبناء مبارك - مازال اسمهم فلول - على صفحات مواقع التواصل الاجتماعى، وعلى شاشات الفضائيات الممولة من رجال كانوا سبباً فى إسقاط مبارك وولديه؟
إنهم عادوا ليلعبوا مع المصريين من جديد لعبة الكراسى الموسيقية، لم يتعلموا الدرس بعد، ليدركوا أن الكراسى ليست موسيقية وﻻ كراسى حكم، بل، كراسى إعدام، نجا منها «مبارك» وجلس فوقها «مرسى».
أبناء مبارك الذين يملأون الوطن صخبا وضجيجا بنعيم 30 عاماً من حكمه، لا يدرون أنه مَن أوصلنا إلى الطابق الأرضى من ناطحة الهاوية، بل يبشرون بعودة السيد العجوز أو أحد ولديه.
ياسلام !!!! ﻷ ... يا نهااااار إسود.
أبناء مبارك الذين كانوا يقفون على عتبات المحاكم أيام ما كان سيدهم فى القفص، ممددا واهنًا على سريره الطبي، يرتجف، فى انتظار حكم المصريين، هم الآن – كالإخوان، بل أشد وطأة - راحوا يملأون حوائط الفيسبوك بصور مبارك صاحب الضربة الجوية! تانى؟؟ يا دين النبى!، وراح بعضهم يشمت فينا، وراح البعض الآخر ينصب فرحا بلديا وينصب علينا وعلى التاريخ الحديث جداً، بأن مصر تحررت وعادت شمسها الذهبية، خصوصا بعد حكم السبت الماضى بالإعدام على قيادات وأعضاء جماعة الإخوان الإرهابية، وراح أبناء مبارك يمرحون وكأن نظام مبارك لم يكن هو وحده من ربّى ودفّء وفرّخ الإخوان فى أحضانه؟
أرأيت كم يبدو المشهد المصرى غائمًا وملتبسًا ومرتبكًا؟
يتجلى ذلك بشدة فى مشهد الإعلامية ريم ماجد عندما منع عرض برنامجها (جمع مؤنث سالم) حيث راح الفلول وحدهم يهللون فى صخب عند منع البرنامج، لقد لخصوا كل حرقة السنين الأربع السابقات فى النيل من ريم ماجد باعتبارها أحد أبرز وجوه من أسقطوا نظام مبارك، ورغم أنهم استاءوا قديما من كونهم فلولا - وقد فلوا وولوا - وصاروا مبعدين عن الساحة بأوامر شعبية، إلا أنهم لم يتركوا أمر ريم ماجد للناس مثلما كان أمر باسم يوسف للناس!! بل راحوا يمارسون نفس الإقصاء والإبعاد ضد من يخالفهم.
ﻻ أحد يتعلم الدرس، وﻻ هم بمدركين أن الذى يدورون حوله من جديد ليس كرسيا موسيقيا وﻻ هو كرسى للحكم سوف يعود، بل هو كرسى إعدام لو كانوا يفهمون - واسألوا «مرسى» وفلوله - كرسى نجت منه جماعة مبارك وجلست فوقه جماعة الإخوان.