رشاد كامل
مطلب إنجليزى وراء فصّل العقاد!
فوجئ مصطفى النحاس باشا زعيم الوفد بردود فعل الشارع السياسى والصحفى عقب إعلانه لفصل الكاتب الوفدى التاريخى «عباس محمود العقاد» من حزب الوفد وجميع لجانه معللًا ذلك بأن العقاد اجترأ فى مقالاته بجريدة روزاليوسف على توجيه أكذب المطاعن وأشدها فى الافتراء إلى هيئة الوفد الموقرة.
ويكشف د.راسم محمد الجمال كواليس مذهلة فى كتابه «العقاد زعيما» فيكتب قائلا: علقت صحيفة روزاليوسف اليومية على هذا القرار بقولها إنه استجابة لمطلب إنجليزى ألمحت إليه صحيفة «التايمز» واستطردت تقول: «فالآن يعلم القراء مرة أخرى من أين جاء الغضب على هذه الصحيفة وعلى الأستاذ العقاد».
أما جواب الأستاذ العقاد على هذا الصغار الذى لا معنى له فقد سبق به منذ ثلاثة أيام حين قال: برئت ألف مرة من الوفدية إن كانت هذه هى الوفدية!
أما العقاد فلم يشر إلى قرار فصله لأنه قد تبرأ من الوفد من قبل فصله، وانطلق مباشرة إلى الطعن فى زعامة «مصطفى النحاس» وخلص إلى أن قوة النحاس باشا المستعارة من الأمة أصبحت لازمة للإنجليز فى إخضاع المصريين.
وسخر -أى العقاد- من صلابة مصطفى النحاس وأظهر تهاونه واستسلامه للسياسة الإنجليزية طمعا فى الوصول إلى الحكم.
كذلك طعن العقاد فى مكرم عبيد الذى يعمل -فى رأيه- فى القضية الوطنية لمصلحته الشخصية لا لمصلحة الوطن ولا لمصلحة الوفد ولا لمصلحة الطائفة القبطية ولا لمصلحة أبيه أو أخيه.
وامتدت حملاته لتشمل أشخاص النحاس ومكرم ونزاهتهما وابتزازهما لأموال الوفد.
وأحدث فصل العقاد رد فعل واسع النطاق فى الصحافة والرأى العام، فقد خرجت الصحف الوفدية تطعن فى «العقاد» طعنا عنيفا غلب عليه الإسفاف، وكادت حملاتها عليه أن تطغى على اهتمامها بالأحداث الجارية، وأنصبت هذه الحملات على اتهام العقاد بالخيانة والغرور، كما طعنت فى شخصه وأخلاقه وأحواله الاجتماعية والأسرية.
وبلغت حملات مجلة «المطرقة» حد الطعن فى أعراض السيدة روزاليوسف والعقاد وعزمى صراحة بفاحش المعنى والقول، أما مجلة آخر ساعة الوفدية فقد صمتت كأن شيئا لم يكن.
وشارك كبار رجال الوفد فى حملات الصحف الوفدية على العقاد، فوصف أحمد ماهر حملات العقاد على الوفد بأنها أشبه شىء بفريق مشرف على الهلاك يتخبط فى الماء ويلتمس طرق النجاة فيما قد يكون حتفه مختبئا فيه.
ووصف فصل العقاد من الوفد بأنه مجرد حادث فردى يجب الانصراف عنه إلى مصلحة البلاد، ثم صمت أحمد ماهر بعد ذلك.
وشارك بعض الوفديين فى الطعن فى العقاد من أمثال حسن يسن وغيره.
أما الأهرام فقد اكتفت بنشر قرارى الوفد بفصل روزاليوسف والعقاد دون تعليق عليهما.
وبالنسبة للصحف غير الوفدية يلاحظ أن «السياسة» اكتفت بنشر قرار فصل روزاليوسف اليومية والمظاهرات التى قامت فور صدور هذا القرار، فى حين اعتبرت صحيفة الشعب فصل الصحيفة بداية لا نهاية وأن نتائج كثيرة وخطيرة سوف تترتب عليه.
وتعترف روزاليوسف فى ذكرياتها: «وكنت لا أقر سياسة الهجوم الشخصى العنيف على النحاس ومكرم التى تطرف فيها العقاد مدفوعا بحرارة النضال»!
وللذكريات بقية!









