
هناء فتحى
هيفاء وهبى.. شنقوها يا عينى
صفعة ولا صفعة فيلم «عنتر ولبلب» وجهتها مسلسلات رمضان على وجوهنا نحن مرتين فى رمضان هذا العام: مرة باعتبار أن كثيراً من هذه المسلسلات مسروقة عينى عينك من شغل أمريكانى، وضحكوا علينا وعرضوها بلا خجل باعتبارها صناعة مصرية، ومرة عندما ردت هذه المسلسلات على بعض المنافقين حاملى رايات الشرف والاخلاق الحميدة الذين راحوا يهاجمون هذه الاعمال قبل عرضها ومشاهدتها للنهاية كونها دراما تحض على الانحلال والفجور، فكان أن أثبتت بعض هذه الاعمال الدرامية أنها تتمتع بأدب واخلاق وزارة التربية والتعليم زمان، بل إن بعض «ممثلى» التمثيليات المصرية زايدوا على «ممثلى» السلفية المصرية وقدموا كلشيهات فنية تؤكد أن اللى هيغلط هيروح فى داهية، ويمكن يروح النار.
أمامك مثالان واضحان يمثلان ويجسدان ما سبق: أولها مسلسل «العهد» وثانيها مسلسل «مريم».
مثال «مريم» هو الاكثر وضوحاً وتجسيدا ليس لانه فقط هو الاكثر مشاهدةً أو الاكثر جدلا، لا، بل لان «هيفاء وهبي» كانت «مريم»، وكانت «ملك» كمان، و«مريم» و«ملك» كما يقول المسلسل وكما تحكى الحكاية هما أختان توأم رائعتا الحسن فائقتا الجمال، تقع المرأتان فى غرام رجل واحد وتقتل إحداهما الاخرى للفوز به وحدها، عند هذه النقطة يقع المسلسل فى فخ السرقة خاصة عندما تنام «مريم» مع زوج أختها «نديم»- خالد النبوى - دون أن يعلم معتقدا أنها زوجته «ملك»، نهاية القصة تشبه قصة «بيت من لحم» ليوسف إدريس، وهى نفس حكاية «الحمال والتلات بنات» فى ملحمة «ألف ليلة وليلة»: حكاية الاخوات اللاتي ينمن مع زوج الام الضرير حيث كل واحدة ترتدى دبلة الام وهى فى حضن الاعمى على السرير.
لكن مسلسل «مريم» ودون أن يدرى قدّم نهاية اخلاقية على عكس قصتى «ألف ليلة وليلة» و«بيت من لحم»، إذ جعل البطلة تموت شنقاً بعد أن علم الزوج بأن أخت زوجته المغرمة به كانت تقوم بدور الزوجة بعد أن قتلتها، فما كان من «خالد النبوى» إلا تسليم «هيفاء وهبى» لحبل المشنقة، طيب الاخوة رافعى راية الاخلاق الحميدة الذين طالبوا بمنع عرض مسلسلات رمضان مسقطين الفن والخيال من حسابات الدراما مرتاحين دلوقتى بعد ما شافوا «هيفاء وهبى» مشنوقة زى ريا وسكينة؟ وهوه ده نهاية المشى البطال! الحقيقة إن المخرج المبدع «محمد على» ومعه المؤلف أحبطا مزاج مدعى الاخلاق الحميدة حين ضربا عصفورين بحجر وقدما مع المصور والمونتير وكرو الممثلين دراما سينمائية مدهشة ولم يصور «محمد على» مشهدا واحدا داخل استديو، ناهيك عن الاداء الجميل والمباغت لكل من «هيفاء وهبى» و«خالد النبوى» معا حيث أخرج الاثنان أروع طاقتيهما التعبيرية بالصوت ونظرات العين وتعبيرات الجسد، كانت النهاية صادمة نعم، ومسروقة نعم، لكنها اخرست الالسن التى نالت من الفن ونافقت رئيس الجمهورية حينما انتقد توجهات بعض المسلسلات اللا اخلاقية، ماشى.
المسلسل الثانى العهد فكرته وكتابته بالحرف والصفحة والشخصيات والازياء كلها مقتبسة- مشيها مقتبسة- من المسلسل الامريكى الشهير بأجزائه الاربعة «لعبة العروش» كل ما فى الامر أن المخرج والمؤلف قد استبدلا أحداث «الغرب» بأحداث «العرب» بنفس الديكور والملابس والاضاءة وأقدار الشخصيات وبنفس حالة الغموض والتناول الغرائبى المغرق لاقصى مدى فى الخيال، بس يا خسارة هذا المسلسل لم يشبع طموح الساعين لهدم الفن والإبداع والداعين للاخلاق الحميدة اللى مش عارفة تبقى إيه غير إن هيفاء وهبى شنقوها يا عينى.