الإثنين 17 يونيو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
الرعب قادم لا محالة

الرعب قادم لا محالة




من السهل أن تشعر الناس بكراهية لحياتهم اليومية سواء كانت هذه الحياة تتمثل في ضيق لقمة العيش أو ضيق مساحة الحرية وهذان العاملان هما أساس التحفيز علي التغيير، وبالتالي تأتي الثورات لتهدم هذا الواقع وتغيره ولكن تبقي المرحلة الأصعب و الأهم و هي أن تقيم بناءً جديداً علي انقاض ما هدمت وهي آفة تصيب العديد من الثورات وللاسف منها ثورة 25 يناير.. فإذا تأملنا ما حدث لوجدنا أننا نسير نحو نفس النهج القديم والتغيير لم يتعد كونه تغييراً في الأشخاص إما المنهج والأسلوب وطريقة التعامل مع الأحداث تكاد تكون مطابقة بل للأسف أسوأ من الماضي.

ولا أدري أين تكمن المشكلة؟ هل كنا في حاجة إلي تغيير الداخل ولا أقصد الشأن الداخلي لنا كدولة بل الأهم هو التغيير داخل الأشخاص، فالحقيقة أن الصورة القاتمة المحزنة تعكس مثالب كثيرة في أساليب التعايش مع الواقع الجديد وخاصة في التعلم من الماضي وتلافي سلبياته سواء الانحياز إلي كتلة سياسية معينة أو الاستحواذ علي مقاليد السلطة كأسلوب للتعامل مع الواقع بطريقة توزيع الغنائم وليس بإعلاء قيم المصلحة العامة فوق كل ما هو خاص.
وإذا نظرنا إلي الأحداث الأخيرة لعرفنا أن الطرفين المعارض أو المؤيد لكل ما يدور من أحداث في خسران والوحيد الرابح هو العدو الذي يتربص بنا ونحن نتفتت ونتناثر دون بذل أي جهد أو ثمن يدفعه.
ومن المخزي لنا جميعاً أن تنزف الدماء لمجرد تشبث السلطة بطرح من وجهة نظري وجوده أو عدم وجوده لا يقدم ولا يؤخر في شيء، ولكن التعالي والاستعراض بالقوي وإثبات من الطرف الأقوي ومن الأضعف حتي لو احترق الأخضر واليابس وهو أسلوب أشبه بما فعله نيرون الذي أحرق روما من أجل الانحياز إلي طائفة بعينها.
أما المضحك المبكي فذلك الأسلوب الذي يتم التعامل به والذي يتشابه مع ذات الأسلوب في الماضي سواء الارتكان إلي الصمت أو عدم المبادرة في توضيح ما يحدث أمام المواطن كحق أصيل له.
ومن المثير للغرابة أن ينيب الرئيس نائبه لمواجهة الأزمة ولا أدري إن كان نوعاً من التعالي أو عدم توريط نفسه في تعهدات أخري لن تنفذ.. والغريب أن ما طرحه السيد النائب من حلول سواء ما يتعلق بأزمة الدستور لم يتعد أن يكون  آراء مرسلة واجتهادات شخصية لا تمثل وجهة النظر الرسمية وبالتالي لا فائدة منها.
والأخطر في نظري ما تمخض به النائب من إجابات في مؤتمره الصحفي وهي تصريحات إن اخذناها مأخذ الجد وليس اعتبارها مجرد زلة لسان لكان لها عواقب وخيمة وتنذر بأن الرعب قادم لا محالة لمستقبل هذا الوطن.. أول هذه الإجابات عندما سئل سيادته لماذا طرح السيد الرئيس في إعلانه الدستوري ضرورة امهال اللجنة التأسيسية شهرين إذا كان بإمكانها أن تنتهي من إعداد مسودة الدستور في يوم واحد فأجاب النائب بأن الرئيس لم يكن يعلم وهي إجابة من وجهة نظري تحوي استهزاء بذكاء المواطن وتقلل من احترام السيد النائب له.. أما الإجابة الأخري الكارثية فتكمن في رد سيادته في معرض سؤاله عن معاناة المواطن مع رغيف الخبز وأنابيب الغاز ومنظومة الأمن رد النائب بأن المواطن هو الذي يدفع الثمن وقد نسيناه في غمرة الصراع السياسي وأن المواطن لا يهمه الديمقراطية أو الدستور وهي إجابة تدل علي أن السيد النائب مازال يتبني أسلوب العصر البائد علي طريقة أطعم الفم تستحي العين، وهو أسلوب يمثل قمة الاحتقار لمواطن يشهد العالم كله له كل يوم بحسه السياسي.
وفي النهاية أري أن المتكبرين هم الذين يدركون الحكمة ولكن ما اخشاه أن تكون بعد فوات الأوان.