عصام رمضان
رفقاء الأمس.. أعداء اليوم
هناك حكمة تقول إن حبيب اليوم ربما يكون عدو الغد وعدو اليوم.. ربما يصبح حبيب الغد وهى حكمة فى غاية البلاغة وتكاد أحداث اليوم تثبت صحتها عن جدارة، فرفقاء الأمس أصبحوا الآن أعداء اليوم والأيدى الواحدة التى كانت تتشابك أصبحت أيادى كثيرة متفرقة ومتشعبة.. وأصبح من كنا نعانقهم بالأمس نصفعهم اليوم.
والمشهد فى الحقيقة لا يكذب ولا يتجمل ولكنه يحتاج من الأن نعود برهة من الزمن لنرى غرابة الأحداث وتناقض المواقف بين المشهدين.
أنا أقصد بالمشهد بداية ثورة 25 يناير وانتهاءً بالأحداث الجارية من خلال تسليط الضوء على بداية الثورة الذى يجسد مجموعة من الشباب المخلص لوطنه ضاق ذرعا بما يحدث وفقد كل أمل فى مستقبل يعيشه فبدءًا من تفريغ نقده لهذا الواقع من خلال ملحمة فى غاية الرقى رافعًا لافتة الاعتراض على أساليب الحكم ومطالبًا بأبسط الحقوق عيش.. كرامة.. حرية.... وهى مطالب بسيطة ومتواضعة لأى إنسان.. وبدلاً من احترام الحاكم لإرادة شعبه والنزول على رغباته ومخاطبتهم بروح رب العائلة بادرهم بإطلاق الرصاص على صدورهم العارية.
ما بين رائحة الموت وثبات موقف هؤلاء الشباب الوطنى مرت الأحداث بشكل درامى وسريع فى وقت تساقط فيه الشهداء وأصبحت دماؤهم الذكية مستصرخة من أجل الكرامة والحرية عندها بدأ سيناريو تهاوى نظام مبارك.
وفى خضم هذه الأحداث وبعدما أفسحت دماء الشهداء من الشباب طريقًا للحرية بدأت جماعة الإخوان المسلمين فى الدخول إلى المشهد منغمسين مع هذا الشباب وجميع الفصائل السياسية وبادر هؤلاء الشباب فى احتضانهم تحت مظلة الكل إيد واحدة فلا تمييز لجنس ولا دين ولا فصيل سياسى وهذا ما جعل العالم أجمع ينظر إلى هذه الثورة بكل تقدير واحترام واعتبر أن هذه الثورة هى من أهم الثورات فى تاريخ البشرية لذوبان كل عناصرها فى نسيج واحد دون تمييز وأسدل الستار على هذا المشهد بسقوط مبارك وبداية جديدة لتاريخ مصر.
أما المشهد الثانى فهو مشهد مأساوى وهو من يمكن أن نطلق عليه مرحلة استثمار الثورة فبدأت الفصائل السياسية المحترفة فى تقليص دور الشباب الذى ألهم هذه الثورة وفجرها فى محاولة لإثنائه عن أى دور فى صنع أحداث المرحلة الجديدة وبدأ الكل يتعامل معهم بنظرة استعلائية واستغلالهم من أجل هدف شخصى ومطمع سياسى بدءًا بجماعة الإخوان التى استحوذت على كل مقاليد الحكم وانتهاءً بمن نصبوا أنفسهم زعماء هذه الثورة ومن هنا انخرط الجميع فى تفتيت الكعكة فضاعت روح الثورة وتفرقت دماء الشهداء بين كل هذه الفصائل.. ومازال الدم هو اللغة السائدة لهذا المشهد الذى لا يستطيع أى منا أن يتنبأ كيف ستكون نهايته.
وفى النهاية يبقى السؤال المهم: ما سر تغير موقف جماعة الإخوان المسلمين والجماعات الإسلامية من شباب الثورة والفصائل السياسية خاصة فيما يتعلق بتوجيه الاتهام إليهم بالعمالة والكفر بعد وصولهم إلى سدة الحكم بعدما كانوا رفقاء عند اندلاع ثورة 25 يناير.