
هناء فتحى
مصر مش تونس .. ودﻻلة: من منهما التى خلعت الحجاب أولًا
الصخب المستعر الآن فى القدر -بكسر القاف - التونسى بين المتأسلمين والعلمانيين حول كتاب الصحفية التونسية الشابة «أمل المكى» بعد 3 أشهر من صدوره بالعنوان الصدمة (من وراء حجاب) سوف يطقطق غليانه ويتسرب بخاره الكثيف عاليا إلى خارج تونس ولسوف تتساقط قطراته المقطرة على شعوب بلاد أخرى نكسها - من النكسة - الربيع العربى المعروف تأدبا باسم الربيع الإسلامى.
ليس فقط لجدلية عنوانه بل لأن المؤلفة ذات الــ 26 ربيعا قد أرفقت بصفحتى الغلاف الأولى والأخيرة صورتين لها: واحدة بالحجاب والأخرى وهى سافرة وقد خلعت حجابها وراحت لتواجه مشايخ السلفية التونسية بصدر رحب ورأس عارٍ.. مؤكدة أنها كتبت هذا الكتاب وهى محجبة ولو شاءت الأقدار أن تعيد كتابته لكتبته برؤية ووعى مختلف تمامًا.. فما كان من دور النشر التونسية كلها إلا رفض طباعة ونشر ذاك الكتاب .. فما كان من أمل المكى إلا نشره وبيعه إلكترونيا.. وقد كان.
■ دﻻلة ما حدث
أوﻻ.. مصر مش تونس فعلا.. لأننا ﻻ نحتاج لكى ننظف ما بالرأس أن نخلع حجابها «ﻻ» كل النساء اللاتى بعد نكسة 25 يناير وثورة 30 يونيو وملأن الميادين الفسيحة وطالبن بسقوط النظام ووقفن لساعات طوال فى استفتاء البشرى وفى انتخاب السيسى رئيسًا لنا كن فى معظمهن ساترات لشعر رؤوسهن وبعض أجزاء من أجسادهن - مش كلها - وكل واحدة حرة تلبس الحجاب أو تقلعه.. حلو؟ أيوه علشان طوابير النساء كانت أطول من طوابير الرجال مع إن الرجالة بيقولوا إنهم مبيلبسوش حجاب.. بس أحيانًا بيلبسوا طرح.
ثانيا: «أمل مكى» الصحفية والكاتبة التونسية الجدعة التى خرجت تواجه الأفكار المتكلسة فى مجتمعها بعد أحداث الربيع العربى اللى بيسموها أحيانًا (ثورات) لم تأت بجديد بمعنى أنها ليست رائدة.. ﻻ فقد سبقتها المرأة المصرية بقرن من الزمان متمثلة فى «هدى شعراوى» المناضلة الثائرة التى خلعت الحجاب فى أعقاب ثورة وطنية حقيقية عام 1919.. وأحدثت ذات الدوى والنقاش الحر الجرىء البناء والذى صنع مجتمع ما قبل العباية الخليجى، مجتمع مصر ما قبل سبعينيات السادات.. مجتمع منتجاً ومتعلماً وسعيداً.
ثالثًا: وهو الأهم، إن كتاب الصحفية الناشطة أمل المكى ﻻ يناقش أفكارا تحررية وظلامية بل هو كتاب فى أدب الرحلات عبارة عن عدة مقالات صحفية كتبتها المؤلفة أثناء إقامتها بالصين فى 2011 و 2012 عن جغرافيا وتاريخ الصين لكنها فى الفصل الأخير من الكتاب الذى يقع فى 77 صفحة تحدثت عن حماستها واحساسها إزاء ما عرف فى تونس وقتها باسم ثورة الياسمين - ياسلاااااام - بينما - كانت هى تراقب أحداث تلك الثورة من تلفاز حجرتها الصغيرة ببلاد المليار نسمة وسور الصين العظيم.
رابعًا: كتبت أمل مكى فى صفحتها على الفيس تلك العبارة التى أحدثت كل ذلك الغليان التونسى (سقط الحجاب ونشر الكتاب) تقصد كتابها (ما وراء الحجاب) وللأمانة فلم تكن أمل مكى هى أول مستخدمة لهذا العنوان الصدمة.. ﻻ .. لقد سبقها إليه كثيرون معنونون كتابا لهم.. منهم «فاطمة المرنيسى» وكتابها الأشهر من وراء حجاب عام 2012 وناقشت على صفحاته جدلية الفضاء الجنسى.. كان هناك أيضًا للكاتب الليبى «فتحى بن عينى» كتاب بذات العنوان (ما وراء الحجاب) يناقش على صفحاته جدلية الدين والسياسة.. وثمة كتاب أخير للكاتب «سيمور جراى» بعنوان (أسرار وراء الحجاب) يناقش على صفحاته حياته أثناء فترة عمله بالسعودية.
خامسًا.. وأخيرًا والأهم أن أى ثورة حتى إن كانت فاسدة أو ركبها الإخوان والسلفية من الممكن بل من المؤكد أنها سوف تنتج شبابًا مثل أمل «المكى».