هناء فتحى
«أوباما» بطل «نورماندى تو»
وهكذا أضاء السوفييت نور القاعة المظلمة التى كنا مبهورين مستغرقين نشاهد على شاشة أحد حوائطها فيلماً هوليووديًا أمريكياً طويلاً مليئاً بالدم والجثث والخراب
نحن كنا الموتى - ورامبو الأمريكى القاعدى الداعشى بحذائه كان يرقص فوقنا منتصراً.
وهم وخيال ما عن أمريكا الخارقة قد عشناه عقوداً وهو لم يكن فى حقيقته سوى فيلماً متقن الصنع مبهراً انتهت مشاهده بخروج سيدة العالم المخزى من لوكيشن الصراع مع روسيا على الأرض السورية.
نحن الذين أدمنا عشق السيد الأمريكى والحلم الأمريكى والفيلم الأمريكى والاحتلال الأمريكى والدولار الأمريكى ما بالنا اليوم نفرح شمتانين فى أوباما الأمريكى وهو مهزوم مسحوق مخز (مهيض الجناح) أمام الاجتياح الروسى المفاجئ الكاشف لقوته الهشة؟
أمريكا هى التى صنعتنا فيلماً.. وجعلتنا جماهيره!! وقامت بتوزيعه وعرضه حصرياً دون منافس لها فى السوق ثم حصدت إيراداته وخلعت.
وكنا نحن الضحايا فى الفيلم وكنا نحن الضحايا فى الواقع أيضاً!! وكذلك كنا المشاهدين.
أمريكا التى احتكرت صناعة السلاح وصناعة السينما وصناعة حكومات وحكام العالم الثالث بل صناعة السوبر ستار الهوليوودى.. وهم أنفسهم سوبر ستار منظمات حقوق الإنسان المبعوثين من سينما منظمة الأمم المتحدة إلى سوريا ومصر والسودان ومن قبلها العراق وأفغانستان وفيتام.. وإلخ، ها هم يفرون مع دواعشهم ومحاربى 100 دولة ومعهم رجالات الـ« CIA» بجلالة قدرها من سوريا تحت وطأة القصف والعصف الروسى المباغت والمبهر حقاً.
لكن فرحتنا بسقوط سينما الدرجة التالتة الأمريكية بدور العرض العربية ﻻ ينسينا نحن أبناء العالم التالت والشرق الأوسط الجديد أن سوريا الحبيبة المريضة تتألم وأنها تدفع الحساب الآن وحدها بالنيابة عنا.. بالتأكيد دفعته قبلها العراق وليبيا ودول عدة كانت مصر إحداها.. مصر التى صرخت فى يونيو 2013 قائلة: (سينما أونطة هاتوا بلادنا).. لكن أحدا لم يسمعنا لأن صوت ماكينة العرض كان صاخبا.
ثمة مشاهد عدة تصنع لنا واقعا آخر مغايراً تماماً: أول المشاهد كان عبارة باللغة الروسية على صفيح الطائرات الروسية فى مطار اللاذقية تقول لعين الشمس ولإعلام العالم «أوباما غبى».. وتوالت المشاهد حينما تم أسر مئات الدواعش مصاصى الدماء قاطعى الرءوس مهجرى الشعوب الذين لم يكونوا سوى ممثلين درجة تالتة من البلاك ووتر والإخوان المسلمين ومنشقين عن الجيش العربى السورى دربتهم وسلحتهم أمريكا، صنعتهم بعبعا كما صنعت بعبع السينما الهوليوودية.. وإحنا اتفرجنا واتفزعنا وصدقنا.
ثمة مشاهد أخرى تصنع صورة العالم الجديد.. إحداها وقوف محمود عباس على منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة ليرفع علم فلسطين ويعلن بقوة غير مسبوقة عن عدم التزام بلاده بمعاهدات خرقتها دولة الاحتلال الإسرائيلى.
مشهد آخر يحدث فى ليبيا منذ فترة بقصف طيران «مجهول» مواقع داعش فى سرت، ومعلهش خليها «مجهول» مؤقتاً.
أما المشهد الذى لم ننتبه له جميعا هو صمت وعجز أمريكا ودول الاتحاد الأوروبي عندما ضمت روسيا جزيرة القرم مضافة إلى مساحة الاتحاد الروسى.. ثم مشهد رباعية نورماندى الأسبوع الماضى ليتركوا لأوباما دوره مع إسماعيل ياسين فى فيلم (نورماندى 2) وشغلته ع المدفع بوووورووووروووووم.
مشاهد أخرى عدة كاشفة ومغايرة: منها سفر نتنياهو لروسيا لمقابلة بوتين بمنتجع سوتشى ولك أن تطلق العنان لخيالك الجامح لما قد يقال فى هذا الظرف الأسود على دماغ دولة الاحتلال الإسرائيلى والصهيونية العالمية.. وقبله مشهد رفض مصر الاشتراك فى دول التحالف العربى لضرب اليمن وإعلانها منذ البداية أنها مرابطة فقط بقواتها عند باب المندب.
تستطيع أن تقول بثقة إننا فى مصر مَن بدأ ليس فقط بصنع شرق أوسط جديد وأن روسيا من تكمله.. ﻻ، لكنه ملامح عالم جديد ربما لن يكون به مكان لأمريكا ودواعشها وإخوانها وزعيمهم باراك حسين الملقب بالسيد أوباما سابقاً.






