الأربعاء 2 أكتوبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
«روزاليوسف» لن تموت

«روزاليوسف» لن تموت






تعاني المؤسسات الصحفية القومية أزمات خانقة، وليدة أمراض تمكنت من الجسد الصحفي علي مدار سنوات طويلة، ومع تزايد مضاعفات المرض الناجم عن سوء التعامل مع متغيرات السوق، وتراجع الموارد بفعل تردي الأوضاع الاقتصادية التي أعقبت الثورة المصرية، تمخضت المؤسسات عن أزماتها الحالية التي نشهدها من آن لآخر في عجز الموارد عن سداد مستحقات الأجور وغيرها من الحقوق المالية للعاملين بها، ما يدفعهم للاحتجاج والاعتصام للمطالبة بحقوقهم المشروعة، فلا شيء يمكن أن يطفئ نيران غضب عامل تلاحقه متطلبات الحياة وزيادة مستمرة في الأسعار سوي أن يمنح أجره وحقوقه.

المؤسسات القومية ملك للشعب المصري الدولة وليست الحكومات وذلك بنص القانون رقم ٩٦ لسنة ١٩٩٦ مستقلة عن السلطة التنفيذية، هكذا قال القانون وهكذا ما ينبغي أن يكون، ولاؤها للدولة بكل مكوناتها واطيافها ساحة للتنوير والفكر ومواجهة الرأي بالرأي والحجة بالحجة، لا ينبغي أن تتحول إلي عباد شمس يولي وجهه شطر سطوع شمس السلطة أو سطوة المال ورجال الأعمال.
هذا المرض المتجذر في الجسد المؤسسي لا يصلح معه المسكنات الوقتية بل يحتاج إلي تدخل جراح ماهر بمشرط تشريعي، لإصدار قوانين تسقط الديون المتراكمة منذ ٢٥ عامًا، تغاضت عنها الحكومات السابقة فتضاعفت فوائدها لتصل إلي ٩ مليارات تثقل كاهل المؤسسات القومية، وتحاصر أجيالاً حالية تسعي لتطوير مؤسساتها والمنافسة في ظل سوق صحفي يموج بالإصدارات الخاصة الوليدة مدعومة بمئات الملايين متحررة من الأعباء.
المؤسسات القومية تؤدي دورًا تنويريًا قوميًا، والإبقاء عليها وتقويتها بديهية ليست مثار جدل ولا خلاف، والإبقاء عليها يتطلب إصلاحًا يتحمله طرفان : الإدارات بوضع خطط تطوير زمني وتعظيم الموارد للوصول لنقطة التوازن بين النفقات والموارد تمهيدا لمرحلة القفز لتحقيق الأرباح، والطرف الآخر: هو مجلس الشوري الذي ينوب عن الشعب والدولة - وليس الحكومة- في الإشراف علي إدارة المؤسسات، بأن يوفر العناية المركزة للمؤسسات المتعثرة ومنحها الأكسجين المطلوب للبقاء علي قيد الحياة، حتي تستعيد عافيتها.
أما عن خطط التطوير فينبغي أن تنطلق من عدة محاور
الأول: ثوابت عاملة عبر سن تشريعات جديدة، تسقط فوائد الديون وتحول الاصل الي اسهم اضافية بزيادة رأس المال ووضع آليات جديدة تشرك العاملين بالمؤسسات في اختيار قياداتهم الإدارية والتحريرية وتوسيع قاعدة المنتخبين في مجالس الادارات لتصل إلي ٨٠ ٪.
المحور الثاني: وضع المؤسسات علي جهاز التنفس الصناعي للابقاء عليها علي قيد الحياة بضخ مبالغ مالية في حسابات المؤسسات مشروطة بخطط تنموية ودراسات جدوي بجداول زمنية جادة، لتتمكن المؤسسات من تحريك عجلة الانتاج، لا أن ينتظر مجلس الشوري اشتعال الأوضاع والوصول لدرجة الاختناق والاحتضار حتي يرسل جزءًا من مستحقات الأجور، ليهدأ الوضع لشهر ثم يشتعل في الشهر التالي، هذه سياسة خاطئة فمنح المؤسسات علي سبيل المثال ذات المبالغ التي تمنح علي مدار عام مجمعة في بدايته يمكن المؤسسات من توفير مستلزمات الإنتاج واستثمار المبلغ، والدولة والحكومة والسلطة التنفيذية بالدولة مسئولة عن دعم المؤسسات لتعبر عثرتها.
«روزاليوسف» إحدي تلك المؤسسات التي تعاني وهي مؤسسة عريقة تحتفل هذا العام بعيد ميلادها الـ٨٨، تملك ثروة بشرية من صحفيين وعمال ومطابع أيديهم «تتلف في حرير» وتملك ثروة عقارية، جزء منها مخصص للاستثمار بمدي زمني يطلب من الحكومة مد أجله نظرًا لتعثر الاستثمار بسبب ظروف الدولة وعلي مجلس الشوري والدولة ضخ سيولة لتمكينها من الانتاج لا أن يتم خنقها وقتلها، ففي الآونة الأخيرة حاصرت متطلبات الحياة قطاع من العاملين بها في الإدارة والمطابع ومنظمي الاعتصام للمطالبة بمستحقاتهم المالية المتأخرة، هذا حقهم التظاهر والاعتصام السلمي حق مشروع غير أن تنظيم الغضب مطلوب فالسلبي هو اللجوء لتعطيل طبع مجلة صباح الخير للمرة الأولي في تاريخها منذ صدورها في العام ١٩٥٢ وتعطيل إصدار جريدة «روزاليوسف» أمس في ظل التصعيد، وهي الجريدة التي شهدت صدورها الأول ٢٥ مارس ١٩٣٥ لتوقفها السلطة لمواقفها السياسية، ثم تعود للصدور عام ٢٠٠٥ لتقدم للصحافة جيلاً جديدًا من الشباب المحترف، نقدر الغضب وحقوق الزملاء ونحن منهم، لكن دعونا لا ننجرف لما يهدد مستقبل مطبوعاتنا فلن يضير أحد سوانا وقف صدورها، لا تصغوا لأي صوت مغرض، في نفسه هوي، لا تشق صفكم أبناء «روزاليوسف» عمال وإداريين وصحيفيين دعاوي الفرقة فمصيرنا مشترك و«روزاليوسف» بيتنا ومستقبل أجيالها الشابة.
«روزاليوسف» باقية أسقطت حكومات وفسادًا ويكفي أن نتذكر حملة الأسلحة الفاسدة التي كشفت الخيانة في «حرب ١٩٤٨» وصراعها مع حكومة الوفد، الذي كان حليفها قبل العداء، جاريتها حكومات روضتها حكومات وأسقطت هي حكومات، جاء من صداقته قياداتها في السلطة ومن عادته، رحل الجميع وبقيت «روزاليوسف» الاسم والقيمة والتاريخ، لا تجعلوا ما يمارس عليكم من ضغوط مبررا لخنقها بأيديكم أنتم أبناؤها، «روزاليوسف» العريقة أبدا لن تموت.