
هناء فتحى
الليلة ﻻ تشبه البارحة
وخذ بالك وأنت تهون عن نفسك وتعمم وتستدعى متشابهات وتقارن بين عنف الشرطة الأمريكية تجاه مواطنيها العزل هناك وبين (الحاﻻت الفردية) التى تحدث فى مصر هنا.. أن المقارنة جد صعبة وشائكة وبعيدة وملتبسة.. ليه؟
لأن ما يحدث فى أمريكا هو فى معظمه تعذيب وقتل من قبل الشرطة الأمريكية ضد المواطنين السود.. حتى ولو حكمهم رئيس أسود.. عمليات قتل انتقائية.. إرث وثوابت عرقية قديمة من أيام الحرب الأهلية الأمريكية التى اشتعلت وأشعلت السنين الأربع ما بين عامى 1861 و 1865.. كانت ثورة الوﻻيات الجنوبية ضد الوﻻيات الشمالية.. أطلقوا عليها ثورة تحرير العبيد.. الثورة التى جسدتها أعمال فنية عدة منها رواية وفيلم (ذهب مع الريح).. ومازال البوليس الأمريكى حتى الآن متلبساً ومتقمصاً إحساسه القديم بالرق وبالعبودية وبالعنصرية ضد لون المواطن الأسود.
كما أن أمريكا لم تقم فيها ثورة 30 يونيو 2013!! كانت عندنا إحنا هنا، يوم التقى الجمعان: الشعب والدولة.. وكانت أول شعاراتها الشرطة والشعب إيد واحدة.. حيث أراد الطرفان - الشرطة والشعب -أن يرتقيا ويحيكا ويوصلا ما تمزق واتسع وتجسد وحشًا دميما فى 25 يناير 2011.. بل وما قبلها بسنوات عندما كنا نطلق عليها اسم داخلية حبيب العادلى.. فأراد الناس أن تسحب الشرطة من حماية حسنى مبارك لحمايتها.. وأظنهما ساعتها نجحا.
بين قوسين:
(فى يوم ما سوف يصحح التاريخ نفسه وينسب فضل شرارة 25 يناير للمواطن المصرى «عماد الكبير» وليس لـ«خالد سعيد».. فالضابط الذى أهان عماد الكبير فى قسم الشرطة قد أهان مصر كلها.. كانت 25 يناير مناسبة لاسترداد كرامة عماد الكبير وغيره من شرطة حبيب العادلى.. أما حكاية خالد سعيد فهى للآن وقائعها ملتبسة وشائهة ومنقوصة الهوية ومغلوطة التفاسير ومستغربة وليست مستعربة).
وخذ بالك سواء وأنت تعصب عينيك - كى ﻻ ترى - أن ما يحدث فى مصر الآن ما هو إلا حالات فردية - أو فتحت عينيك على اتساعهما - كى تبالغ - ووصفت ما يحدث بالظاهرة الممنهجة فى تعذيب المواطنين.. ثم وأنت تستدعى أجواء تعذيب عماد الكبير، أو حتى خالد سعيد وغيره الكثيرين وتلضم معهم فى خيوط العقد الشرطى المصرى أسماء جديدة مثل دكتور عمرو أبو شنب - المواطن الذى مات فى قسم شبين القناطر - وكذلك المواطن الاقصرى طلعت شبيب والذى مات هو الآخر فى الحبس وغيرهما الكثيرين، تذكر أن:
1- (الناس اتغيرت) ولم يعد المواطن يخاف من الشرطة.. وكمان المواطن ركب على حسابه كاميرات مراقبة وبيسجل للشرطة.
2 - (الشرطة اتغيرت) وصارت بها أصوات كثيرة تنادى وتخاف أن تخسر حضن الشعب وعصبة الايد الواحدة بل إن الجهاز يدين انتهاكات بعض أفراده ويوقفهم عن العمل ويحولهم للنياية.. لكن لسه معندهمش كاميرات مراقبة علشان يشتغلوا صح.
3- كان ومازال هناك فى ذلك الجهاز الشرطى كثيرون يتمتعون بحسن الخلق والسلوك والسمعة الطيبة والسجل النظيف فيما يخص حقوق الإنسان.
4 - أجواء المظاهرات التى خرجت فى بعض محافظات مصر هذا الأسبوع بعد تعذيب ومقتل مواطنين فى أقسام الشرطة ﻻ تشبه أبداً أجواء تباشير 2011.. فالمصريون عرفوا علامات الربيع ودﻻﻻته!! والليلة ﻻ تشبه البارحة - للذين فى قلبهم مرض أو غرض - نعم الذين انتفضوا هذا الأسبوع تظاهروا ضد القمع وضد التنكيل.. وضد أن تجنح فئة بهذا الوطن - الذى استعدناه - ناحية الهاوية كما حدث فى 25 يناير.. والمتظاهرون الذين قطعوا الطريق هذه المرة قطعوه ليصححوا مساره المنحرف بتطبيق القانون وليس بإشعال ثورة.. فالذين أشعلوا ثورات الربيع العربى «فى بلادنا» مشغولون بإطفاء حرائقهم الربيعية «فى بلادهم».
5 - والليلة ﻻ تشبه البارحة.