
هناء فتحى
حلمى وبرهان فى المتاهة
وعلى الرغم من إغراقنا فى كل هذا الظلام والحزن والفجيعة سنواتٍ طوال من بغداد هناك إلى مصر هنا ،، وكذا ليبيا وبينهم اليمن .. وعلى الرغم من كل ذاك الدم العربى المتخثر الذى خصب أراضينا -فى موسم الربيع الطويل- .. إلا أن قمرا منيرا يتبدى فى آخر ليالى 2015 ويقودنا من «المتاهة» إلى الطريق الذى نبغى.
وكأننا ننتظر فعل دعاء المطر: انهمر الخبر الطيب على العقول البور.. أو قل الخبر القنبلة الذى فجر المتكلس والمتحجر فى القلوب التى استمرأت واعتادت مذلتها وهوانها على البلاد.
■إيه الحكاية دى ؟ أقول لك .
أن يعلن الكاتبان الكبيران المصرى والعراقى «محمد حلمى هلال» و«برهان شاوى» اتفاقهما على إنجاز عمل درامى عربى مهم يقوم فيه السيناريست والأديب والرسام المصرى «محمد حلمى هلال» بتحويل سداسية «المتاهة» للشاعر والروائى العراقى «برهان شاوى» فهذا ﻻ يعنى فقط أننا أصبحنا فى سكة الخروج من سقوطنا العربى.. بل إننا صرنا نكتب ونصور ونمثل مآسينا أيضاً.. وهذا يعنى أننا نتعافى.. وأننا نهزم عدونا.. وأن ذاكرتنا ﻻ تسمح بالنسيان أو الضياع، و عنى أيضاً وهو الأهم عودة العمل العربى المشترك.. حتى ولو بدأ بالأدب والفن والتاريخ .. ويعنى انتهاء عصر سرقة كتاب السيناريو المصريين لأعمال أمريكية شهيرة وتمصيرها وكأنها من بنات أفكارهم!
العمل الدرامى المقصود هنا هو الروايات-المتاهات- الست.. للروائى والشاعر العراقى الكبير برهان شاوى : متاهة إبليس ومتاهة آدم ومتاهة حواء ومتاهة قابيل ومتاهة الأشباح ومتاهة الأرواح المنسية. . تحويل هذه الروايات الست إلى دراما تليفزيونية فى عدة أجزاء تذكرك بأيام أسامة أنور عكاشة الجميلة.. والمتاهات الست هى روايات للمؤلف برهان شاوى تحكى عن ضياع العراق.. وللمؤلف رواية سابقة بعنوان مشرحة «بغداد» عليك أن تتأمل العناوين لتدرك أهمية ذاك الحدث المتجلى فى تحويل الأدب العربى لدراما.. أدب يكنس ويكشف الجهل والعتمة والزور والقاتل والفاجر والمحتل والنخاس وبائع الدين والأوطان.
برهان شاوى الشاعر والروائي العراقى المقيم فى ألمانيا يقول عن متاهاته الست: وجدنا أنفسنا فى آتون حرب أهلية طائفية طاحنة تفجر فيها حقد عمره 1400 عام وكأننا فى (ثقيفة بنى ساعدة)
أما السيناريست المبدع والأديب والفنان التشكيلى الكبير محمد حلمى هلال فلا أظنه قد غاب ﻻ هو وﻻ إبداعه الراقى النافذ فى العقول والقلوب منذ أفلامه هستيريا ويادنيا يا غرامى ودخلة وداد مروراً بأعماله الدرامية التليفزيونية الكثيرة منها : حكايات الغريب وصائد الاحلام وبوابة المتولى وبطة وأخواتها واختفاء سعيد مهران وغيرها.
هنا على هذه الرقعة العربية الإبداعية نستطيع أن نستقبل2016 ونودع 2015 غير مأسوف عليه وننتظر رمضان القادم بمسلسل عربى كبير يردنا إلى بلادنا وتاريخنا وحضارتنا وانسانيتنا.. فقد استنشقنا ما يكفى من رياح الربيع العربى وعلينا أن نبدل الفصول وأن نضبط إيقاع الزمن والتاريخ وأن نصيخ السمع لصوت المنادى الذى ينادى فينا بأن تقوم قيامتنا.
أظنها فرصة كبيرة لتكون موضة أو تيارا دراميا يعنى بتحويل النص الأدبى لدراما تليفزيونية تكنس زبالة الأعمال.