
هناء فتحى
لأننا شعب «متحرش» بطبعه
ولا حالة تحرش واحدة تم رصدها يا أخى.. ولا حتى رمية عين وتنهيدة! برغم النسوة العاريات الفاتنات وبرغم مشاهد الحب الملتهبة فى الشوارع والمقاهى أثناء الاحتفال السنوى الضخم بذكرى وفاة الكاهن الكاثوليكى الايرلندى (سان باتريك) هنا فى نيويورك يوم الخميس الماضى..هو الاحتفال الذى يرتدى فيه الجميع ملابس خضراء نسبة لنبتة الشامروخ Shamrock الخضراء اللون ذات الثلاث ورقات والتى ترمز للديانة المسيحية.
فى ذاك الصباح خرج الأمريكان عن بكرة أبيهم شبابا وشيوخا احتفالا بالعيد وكأنهم يعاندون التعاسة ويصنعون صباحاتهم الندية.. يبحثون فى زكائب الأشجان عن مواطن البهجة.. ومن ثم فقد منحوا أنفسهم إجازة رسمية مع أن هذا العيد ليس من الأعياد الرسمية العشرة فى أمريكا.. وانطلقوا فى ثياب وقلوب خضراء ورسموا بملابسهم وبضحكاتهم وبغنائهم وبلهوهم شوارع المدينة.. فبدت نيويورك مختلفة حقاً.
كان التليفزيون المحلى لكل ولاية وفى كل نشرة أخبار كعادته يرصد أخبار الطقس لمدة أسبوع قادم.. لكنه وقبل الاحتفال بالقديس سان باتريك كانت كل قناة تهتم وترصد وتسمى حالة طقس الخميس الماضى تحديداً اسم: ليلة سان باتريك.. وليست ليلة الخميس.. فلهذا القديس مكانة كبرى فى العالم كله.. ومكانة أكبر هنا فى نيويورك.. إنه عيد أشبه بمولد السيدة العذراء فى مصر وكذلك أشبه بمولد السيدة زينب وسيدنا الحسين..له نفس المكانة والتقديس والألق والبهجة والزينة والناس اللى فى الشوارع.. فيما عدا التحرش.. هناك فرق.. مع أننا يا أخى زى ما انت عارف.. نحنُ شعب متدين بطبعه.. ومتحرش بطبعه.
هذا الفرق فرض سؤالاً مهماً للغاية:
> من أكثر قدرة وحسما علىٰ تنظيم وتحديد سلوك وعلاقة الناس ببعضها البعض.. الدين أم القانون؟
- فشل الدين فى بلادنا فشلا ذريعا فى منع التحرش رغم الحجاب الحاجب لأجساد النسوة عن شهوات الرجال العرب - بعض الدول تجبر النسوة علىٰ النقاب - ورغم الجوامع والزوايا والسبحة والذبيبة وكتب الأزهر.. والكتب المنثورة على الأرصفة والتى تتحدث عن الجنة والنار وعذاب القبر والسعير والثعبان الأقرع.. وكتب الحجاب والمرأة المطيعة.. إلخ إلخ.. طيب يبقى العيب فى الرجالة بقى؟! برضه لأ.
الأمريكى خارج بلاده متحرش بامتياز أما داخل بلاده فهو مؤدب بالقانون.. حتى العرب المقيمين فى أمريكا مؤدبون قوى هنا يا أخى.. لكن الأمريكى فى بلادنا شىء آخر.. واخد راحته.. منطلق.. زنديق.. ومتحرش بطبعه.. وتستطيع أن ترصد مئات حالات التحرش والاغتصاب التى قام بها جنود أمريكان فى سوريا والعراق وليبيا أثناء الاحتلال الأمريكى بعد الربيع العربى.. ولا تنسى ما فعلته رجالات بعثة الأمم المتحدة الشهر الماضى فى بعض بلاد إفريقيا من حالات تحرش الصوت والصورة لاغتصاب أطفال ونساء.. وما تزال الأمم المتحدة تحقق فى تلك الوقائع.. وكأن بلادنا العربية.. أرض الأنبياء والرسالات.. أرض جاذبة للتحرش بالغلمان والنساء!
مرة أخرى يعود السؤال ليلح من جديد:
> من الأكثر نجاعة وقدرة وحسما فى فرض حقوق المواطنة والحق والخير والجمال والأخلاق التى ورد ذكرها فى الكتب السماوية الأرضية وذكرها الفلاسفة الأولون؟ الدين أم القانون؟
- الإجابة عند حضرتك.