السبت 21 يونيو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
على راسى ريشة فى هوا..  تا را را

على راسى ريشة فى هوا.. تا را را






و.. بسن الريشة التى علىٰ رأسى، أكتبها مغموسة فى الحبر الأسود: ما عاشت ولا كانت كرامة الصحفى ومهنته ما لم تنبت من جديد فى دماء هؤلاء التعساء البؤساء الفقراء «المواطنين» الشرفاء كرامة.. فنحن نكون أو لا نكون من أجل هؤلاء كى يعودوا مثلنا «بنى آدمين»
هؤلاء الذين جىء بهم إلى نقابتنا الأربعاء الماضى مساقين مغلولين لمجابهتنا وما كنا يومًا - ولن نكون - فى حرب معهم.. فلأجل هؤلاء قامت مهنة الصحافة.. ومن أجل عيونهم وحدهم نجابه السلطات والسلطان، نحنُ أصحاب السلطة الرابعة، نحنُ وهم - فقط - إيد واحدة، وما كان مشهدهم المزرى أمام مصر والعالم إلا ليوجع القلب والله، فهؤلاء ضحايانا جميعاً، على الرغم من سلوكهم البائس وثيابهم الملخبطة وأصواتهم القبيحة وألفاظهم البذيئة، لقد جاءونا بعوزهم وبعجزهم وباحتياجهم وبغلبهم وبذلهم وباضطرارهم وقلة حيلتهم وهوانهم، ونحنُ سخرنا منهم وجعلناهم أمثولة، وما كان يجب أن يكون.
هؤلاء المحسوبون خطأ فى «قايمة» تعداد البلد، المقيمون خارج حدود الحلم،  الممسوخون المهمشون الخارجون من رحم الأسى، إنهم فى كل الأزمنة والعصور والبلاد هم خدم الباشا، هم أحذية السلطات، يستخدمونهم كالرصاصة والكرباج والمشنقة لكل مارق وثائر، هم أولاد الليل ورد السجون والشبيحة والعصبجية والإرهابيين، وهم الطرف التالت، وهم الرقيق والعبيد والخدم،  وهم أيضًا «المواطنون الشرفاء». فمتى يصبحون مواطنين مصريين؟
وحتى لا ننسى، ولنتذكر دومًا أنهم وقود الثورات وبناة الحضارات، كانوا وقود ثورة الزنج فى العصر العباسى، أشهر ثورات التاريخ الإسلامى، وكان قدماء المصريين يستخدمونهم فى بناء المعابد والقصور، الآن يستخدمونهم فى هدم الأخلاق والإنسانية.
ولنتذكر دومًا ولا ننسى أن صراعنا ليس معهم، بل هم ونحنُ فى خندق واحد، فى صراع وجبهة موحدة ضد من حولهم إلى شبه بنى آدمين.
كل ما سبق كان استهلالا واحتفالا بذاك اليوم التاريخى العظيم الذى صنعه جموع الصحفيين ونقيبهم معا، يوم الأربعاء الماضى، ليلة استعادة مهنة الصحافة وتنقيتها من أولئك الذين سوف أسميهم مجازا بـ«الصحفيين الشرفاء»، إنهم كالذين حاصروا النقابة بصحفييها، إنهم العصا والكرباج والمشنقة فى يد سيدهم سواءً كان هذا السيد رجل دولة أو رجل أعمال، هم الآكلون علىٰ موائد كل السلطات، فلكل مهنة «شرفاء» ولا استثنى أحدا، أليس الرئيس السابق محمد مرسى المسجون علىٰ ذمة قضية تخابر وقتل مصريين وتكميم أفواه هو ذات نفسه من المواطنين الشرفاء؟
طيب إيه المشكلة أن يكون لديك صحفيون شرفاء ومحامون شرفاء وأطباء ومهندسون ومواطنون شرفاء؟؟ ولماذا فقط نسخر ونستهزئ من المواطنين الشرفاء وحدهم مع - أنه منا فينا - وأقول لك أسماء كثير من الصحفيين الشرفاء الذين يمتلكون الثياب الباريسية والسيجار الكوبى والسيارات الألمانى والباسبور الأمريكى، لكن أقلامهم أرخص ما يكون.
نعم كل ما سبق كان استهلالا لنعود للموضوع الأساسى وهو نحنُ.. نحنُ الجماعة الصحفية نفخر ونعتذر بأنه «علىٰ راسنا ريشة فى هوا.. تا را را» بمقام الكرد نغنيها وبتصرف فى مقدمتها التى كتبها الشاعر الغنائى الكبير الراحل مأمون الشناوى ولحنها العبقرى الخالد محمد عبد الوهاب.