الأحد 22 يونيو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
رمضان الذى جاء فى موعده

رمضان الذى جاء فى موعده






حزانى نحنُ يا رمضان.. طوقنا هلالك القادم من سماواته البعيدة.. وفى قلب الطوق امتد حزننا وتكدس.. نحنُ حزانى هذهِ المرة يا «حبيب».. أشياؤنا الغالية ليست فى مكانها المحفوظ: لا القلب ولا الأصحاب ولا الوطن.. إلا حضنك الملفوف هلالا حولنا مازال يعرف موعده ..ويعرف كيف يحبس مع العفاريت أوجاعنا..هلالك الذى أتانا كاملاً غير منقوص.. صرنا نخاف عليه: أن يسرقوه أو يقتلوه أو يبددوه .
رمضان..... ما أصعب «اللقا».
دموعنا المترعة مفروشةً لاستقبالك تكفى وتفيض لتطفئ حرائق البلاد كلها.. دموعنا المترعة تعوض مياه النيل المسلوبة .. دموعنا طوفان.. فما بال نيراننا لا تنطفئ ؟
ونعرف جيداً معنى «الشياط» .. نعرفه منذ أن أطلقوه سعيرا تحت الخارطة العربية لسنواتٍ خمس لم يهدأ رماده الساخن فوق اللهيب.. لم يكن «بو عزيزى» مفتتحا للشواء.. ولم يكن منهيها.. لكنه لخبط خرائطنا القديمة وخاتل التاريخ.. فلم تعد للنار التى كانت بردا وسلاما علىٰ إبراهيم وقارها الأول..صار يلهو بها الجميع.
للمرة الأولى قام إمام مسجد من «المغرب» بإشعال النار فى نفسه بعد أن قرر سكان قرية الوركة ببلدة سيدى سالم الاستغناء عن عمله الدعوى بأحد مساجد القرية فى رمضان.. فقرر الشيخ أن يستهل رمضان بالشياط حيث أغرق نفسه فى خمس لترات من البنزين وعود ثقاب وتم نقله إلى مستشفى عسكرى بالرباط فى حالة بائسة.
فى محافظة الشرقية.. الأسبوع الماضى أشعل مصرى فى نفسه النار بعد أن عجز عن سداد إيجار شقته.. بينما أشعل مصرى آخر يدعى نجاح محمد فى نفسه النار.. فى مقر عمله.. وداخل غرفة رئيس مجلس إدارة إحدى شركات البترول والذى كان قد رفض لقاء الموظف «المحروق»... شوف يا رمضان: النار صارت علىٰ أهون سبب.
أما عن النيران المشتعلة فى سوريا والعراق وليبيا واليمن فهى تتطلب تدخل السماء لإهمادها.. ناسهم.. ما تبقى من ناسهم.. أظنهم يصومون ويفطرون بالقنابل وباربيكيو بقايا أشلائهم.. حيث صارت الحرائق طقسا يوميا لم يكن من قبل اعتياديا.
حزانى نحنُ يا رمضان هذهِ المرة وفى القلب شىء يوجعه.. فاسأل غروبك والشفق سيجيبك عنا تلون الليل والسماوات السبع وسيخبرك عنا ذاك الدعاء المخنوق بدمعنا.. فافرش نهارك فى الصدور المعتمة وارفع آذانك دموياً فى الضمائر.. فى الآذان المصمتة.. ولا تتركنا إلا بآية.. نبتغى منك آية.. نبتغى منك عبرة -بكسر العين - تجفف عبرة -بفتح العين - أن تلملمنا خيوط الفجر.. ات ترتق جراحنا.. أن تخيط خرائطنا المتشظية.. أن تجعل حرائقنا بردا وسلاما كما قال نبى الله إسماعيل.