
هناء فتحى
يا «عادل إمام».. إنت برضه؟
جاءت الحلقة الـ20 من مسلسل «أفراح القبة» لترتق المزع الذى أحدثه فى الخارطة العربية المهترئة - أصلا - كل من «عادل إمام» ومسلسله «مأمون وشركاه» وكذا الجزء الأخير من مسلسل «باب الحارة» السورى.. إذ أشعل كلا المسلسلين فتنا طائفية جديدة عنيفة بما يكفى لتزيد البلدين المكتوين بجمر السلفية نارا.
لم يكن لدى مسيحيى مصر مكان آخر فى الجسد غير موجوع أو مجروح ليتلقوا فيه سوطا طائفيا يخوض فى الشأن المسيحى بما لا يليق وبما هو كاذب.. مسلسل حمل صاحبه - عادل إمام - قديماً رسالة كانت تدعى أنها تحارب الإرهاب فى السينما أيام أن كان وحيد حامد هو المؤلف..أما وإن أصبح يوسف معاطى هو مؤلف مسلسله الرمضانى «مأمون وشركاه» فقد ضاقت الرؤية وضاق التنفس واتسعت العبارة التى أولها لم يكن صفر الطالبة «مريم ملاك» ولا آخرها تعرية وسحل ستنا «سعاد ثابت» فى المنيا وحرق منازل الأقباط.. لكنه سلسال من العنصرية امتدت حلقاتها وتوغلت لسبعينيات القرن الماضى تحت رعاية الرئيس المؤمن.
المسيحيون الكثر الغاضبون فى مصر من افتراءات مسلسل مأمون وشركاه الخاصة بمشاهد ختان الذكور وشرب الخمر.. يعادلهم مسلمون غاضبون فى سوريا من مسلسل باب الحارة للمخرج «بسام الملا» فى جزئه المعروض حالياً فى رمضان لما تخللته الحلقة العاشرة من مشاهد خاصة بطلاق بطلى العمل أبوبدر وفوزية ثم بحث البطل عن محلل لزوجته ليوم واحد تعود بعدها لعصمته.. وبالرغم من أن أعمالا عربية كثيرة قديمة حوت مثل هذهِ الفكرة الخاطئة إسلامياً إلا أنها هذهِ المرة أشعلت نارا فى بلد ما عرف يوماً الطائفية والعنصرية.. سوريا التى كانت رمزاً لوحدة الأديان والأعراق والملل والحضارات..كانت!! لكنهم السلفيون المجهزون ليزلزلوا طبقات الأرض العربية الراسخة من قديم.
جاءت الحلقة الـ20 من مسلسل أفراح القبة لترتق المزع العنصرى الطائفى المصرى والسورى بمشهد موت وغسل وجنازة، محمود مرقص عوض الله سنارى، اسمه كده محمود مرقس.. أحد شخوص العمل الذى ظهر ومات فى الحلقة العشرين.. كان الجميع يعتقد أنه محمود المسلم الديانة فجهزوا له موتة مسلمين.. ثم اكتشفوا أن اسمه محمود مرقس فجهزوا له موتة مسيحيين.. اه والله.. فاندمج طقسا الموت وصدح صوتا القس والشيخ معا بتداخل بديع لترانيم وآيات عند الغسل وعند الوداع وسط دموع شخصيات المسلسل - ودموعنا - فى مشهد مهيب جلل.. كان كوميديا فى أكثر لقطاته مأساوية لغرائبيتها وطرافتها لدرجة جعلت سامى مغاورى يقول إنه لم يشهد هذهِ اللحظات منذ أيام سعد زغلول وثورة 19.
■ جملة اعتراضية: الحلقة الـ20 هى الأروع فى المسلسل ليس فقط لأنها جسدت الوحدة الوطنية فى أعلى تجلياتها بل لأن شخصيات العمل - فى سابقة جديدة على الدراما العربية - راحت تحاكم المؤلف وترفض سرده الكاذب لتفاصيل حياتهم.. لم تعد هناك (6 شخصيات تبحث عن مؤلف)، لا.. إياد نصار صاحب شخصية طارق رمضان راح يعترض على دوره فى المسرحية داخل المسلسل لأن المؤلف لم ينقل بأمانة دوره الحقيقى فى الحياة..كان البطل يجادل ويحاجج «عباس كرم يونس» مؤلف مسرحية أفراح القبة داخل مسلسل أفراح القبة.. داخل حياتنا التى لا تختلف عن المسلسل ولا الرواية.