السبت 21 يونيو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
مشاهد موت الأم: يسرا وصابرين

مشاهد موت الأم: يسرا وصابرين






استهلال:
وكأن موته المباغت كان إشارة وعلامة وأمارة بطيبة قلبه ونقاء سريرته.. وكأن «ممدوح عبدالعليم» قد فارق الدنيا مباشرة قبل أن ينزلق فى خطيئة الجزء السادس من ليالى الحلمية.. رحم الله ممدوح عبدالعليم فلقد كان من «العارفين».. فعلها من قبل «أحمد زكى» ومات قبل الشروع فى فيلم «الضربة الجوية».
متن:
دون أن تدرى كل منهما أنها وقعت فى اختبار  ثمة مباراة فى تمثيل مشاهد الابنة إزاء موت الأم لعبتاها «صابرين» و«يسرا»..الأولى فى مسلسلها «أفراح القبة» والثانية فى مسلسلها «فوق مستوى الشبهات» وأظن أن يسرا تفوقت.
أجادت صابرين بعبقرية تمثيل مشهد الابنة المكلومة بفقدان الأم فى مسلسل «أم كلثوم» أكثر من إجادتها لمشهد مماثل تماماً فى أفراح القبة.. فى  «أم كلثوم» كانت دموع صابرين دموع من القلب.. والصوت متهدج.. والعيون جزعى ترفض الرحيل..والكلمات عفوية - مش تمثيل - لكنها لم - تغشش نفسها مشهدها القديم وتقلده - لم  تفعل ذلك حين  أصبحت «حليمة الكبش» فى «أفراح القبة».. بكاؤها كان تمثيلاً.. حتى أنها وهى ملقاة تنتحب فوق جسد الأم المسجى أمامنا علىٰ الشاشة كان وجه صابرين الباكى ينظر إلينا فى إتجاه الكاميرا عكس اتجاه رأس الأم الممددة علىٰ السرير.. خلف خلاف.. كان يجب أن يكون وجه صابرين فى اتجاه وجه الأم الميتة أو فوق صدر الأم الميتة وليس فى اتجاه القدم.. اتجاه الكاميرا!!.. كما أن مقدار اللوعة لم يكن بالقدر المطلوب فى حالة ابنة وحيدة لأم رائعة تربطهما وشائج لا تعكرها خلافات عكس حالة يسرا تماماً..
لكن صابرين باستثناء ذلك المشهد كانت رائعة كعادتها.. أمسكت بزمام أمرها  وهى تتقلب فى أعمار الدور المتعاقبة من الشباب للكهولة.. أمسكت بزمام أمر انفعالاتها المرتبكة والمتصاعدة والمتباينة حتى فى المشهد الواحد تنقلت بسلاسة بملامح الوجه وطبقات الصوت.. فيما عدا مشهد موت الأم أجادت حليمة الكبش.. كانت بديعة وسط عزف جماعى شديد الروعة والتميز  والتفرد.. أظن أن مسلسل أفراح القبة قد صنع عقدة فى الدراما العربية أصابت الجميع.. سيصير أفراح القبة - من هنا ورايح - هدفاً ومقياسا وأملا لكل الدراما العربية المقبلة.
فاجأتنى يسرا هذا العام فى مسلسل فوق مستوى الشبهات.. كانت فوق مستوى توقعات بكثير فلست من الذين يحتسبون أن يسرا ومن بعدها الطوفان.. ذائقتى لم تكن لتستسيغها من قبل.. فما الذى فعلته رحمة حليم بيسرا وبنا؟ أظنها رجحت كفة ميزانها القديم ووضعت به ثقلا حقيقيًا تستحقه.. أظنها قد خرجت من عباءة يوسف شاهين الآن.
ما يعنينى هنا هو أداؤها الخلاب المبهر لمشهد موت الأم تحديدًا.. هذهِ المهارة والاندماج الكامل فى مشهد طويل مش متقطع نفس واحد أخذته علىٰ صدرها كما يقولون.. مشهد مدرسة فى الأداء لم يكن يعنيها الكحل الذى سقط على وجهها ولا احمرار أنفها الواضح ولا تشعث الشعر المنساب.. حزنها المقبل من خلاياها المفتوحة والمتشققة لحظة فجيعتها بأن أمها قد ماتت الآن أمام عينيها وبين ذراعيها.. توسلاتها الصادقة وهى تنادى أمها كى تعود من الموت.. أن تستيقظ وتحادثها ولسوف تنفذ لها كل ما تريد  - بس ترجع - لكنها لم ترجع.. استمرت يسرا محتفظة بشحنتها - شوف الجبروت - للمشاهد المتتالية التى أدتها مع سيد رجب  العملاق الآخر والذى أشفق علىٰ انهيارات «يسرا» بحق وحقيق.. الله يا يسرا.
خاتمة:
لن يعرف القياس بين مستويات أداءات موت الأم بين صابرين ويسرا إلا من كابد المشهد وانخلع قلبه وراح  ليلحق بالجسد المرتحل  وبالكفن وبالقبر المزموم.