
هناء فتحى
«المنيا».. المدينة القاسية التى أعرفها جيدًا
أزعم أننى أحيانًا أدرك سر إشارات الكون وعلاماته المستترة.. وأفسر نونوات القطط وحوارات الطير فى الأعالى.. وأعلم ما تخفى العيون.. بينما استعصت علىٰ عقلى وقلبى طلاسم مدينة المنيا -شوارعها الضيقة وناسها وطفولتى وصباى - المدينة والمحافظة الموصدة فى وجه الرحمة والحق والخير .. البلاد التى تعادى الله والإنسان.. عاصمة مصر القديمة كانت.. وصارت الآن عاصمة الإرهاب.. ففى كل كارثة طائفية تزهو المدينة بما جنت يديها .. جامعة تخرج القتلة العتاة.. بلاد نفرتيتى وآمون وعاصم عبدالماجد وطه حسين وتوفيق الدقن وفؤاد الدواليبى وكرم ذهدى ونعيمة عاكف وشكرى مصطفى.. حاجة تجنن! البلاد التى حكمتها إمرأة من تل العمارنة «نفرتيتى».. البلاد التى مرت بها السيدة العذراء وصغيرها.. هى نفسها البلاد التى يسحلون فيها النساء عرايا دون شفقة أو نخوة.. سيرة ومسيرة وبيت هدى شعراوى ابنة نفس المحافظة.. بيتها قائما عفيا فى بحرى المنيا لا يزال.. مدينة المتناقضات كيف أفهمها؟
■ طيب إيه اللى جاب سيرة المنيا دلوقت.. أقول لك:
قبل ظهور نتيجة شهادة الثانوية العامة وجميعنا لم يكن يترقب نجاح أى طالب حتى ولو كان ابنه قدر ترقبه لما سوف تحصل عليه طالبة مدرسة صفط الخمارالثانوية المشتركة بمحافظة المنيا «مريم ذكرى ملاك تادرس» طالبة الصفر بالعام الماضى والتى دخلت الامتحانات هذا العام من جديد.. ففى حكايتها الأليمة تجسيد وتشريح لمدينة المنيا بحق وحقيق.. الطالبة التى أسقطت سمعة الوزارة كلها.. الطالبة التى عرت جسد البلاد المتقيح.
فهل انتصرت المنيا على آثامها السابقات حين تخلت عن جبروتها ومنحت «مريم ملاك» هذا العام حقها المستحق بحصولها على 93% ؟ أم أنها - وزارة التربية والتعليم - قد أجبرت على ذلك لأنه من هو الغبى فيها الذى يكرر ذات الفضيحة مرتين؟
«مريم» ابنة المنيا كما السيدة المسيحية المسحولة «سعاد ثابت» هى الأخرى ابنة المنيا .. حيث لم يعد وجه المدينة يطيق رؤية الآخر المختلف.. حيث لا يرى السلفى سوى سيفه وذقنه.. حيث صارت تحرق بيوت المسيحيين بأهلها كما يحرق قش الأرز.. حيث لم يعد لبيت الله جلال.. حيث قبل بزوغ نجم الرئيس المؤمن محمد أنور السادات لم نكن نعرف ديانة بعضنا البعض فى تلك البلد وريفها ومدنها الكبيرة والصغيرة.. المنيا التى ثلث سكانها مسيحيون!
تأتى نتيجة الشهادة الثانوية لتعيد تاريخ الوزارة والمدينة السيىء من جديد.. حيث صفر جديد لطالبة منياوية مسيحية جديدة إسمها «أميرة ذكريا جوهر» لتحصل على صفر إلا قليلا! فى فضيحة جديدة لطالبة كانت متفوقة بكل السنوات السابقات.. يتم التحقيق الجنائى فيها فى حين يرفض رئيس كونترول أسيوط المثول أمام القضاء للآن.
فتؤكد الأحداث أن المحافظة علىٰ حالها كما تركها السادات «بحطة ايده» ظالمة متجبرة تزوج فيها الإرهاب والفساد والجهل والمرض ببعضهم وأنجبوا مخلوقا مشوها مريضًا عصيا على العلاج.. أو الموت.