
هناء فتحى
ترامب مرشح السوفييت داخل أمريكا
لم يحدث أبدا فى تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية ومنذ سقوط الاتحاد السوفييتى أن تأففت واعترفت وأعلنت يومًا تلك الإمبراطورية البلطجية العظمى الوحيدة أن دولة ما تتدخل فى شئونها الداخلية - من يجرؤ؟ - مثلما لسان حال إدارتها الآن يتلعثم ويعترف خجلا بأن أحد مرشحى الرئاسة الأمريكية الإثنين روسى الهوى والهوية.. هو دونالد ترامب مرشح الجمهوريين.. المرشح الأقرب لقلب بوتين وعقله.. حيث تقول له مرشحة الديمقراطيين الأخرى هيلارى كلينتون: يا بتاع روسيا.. فيرد عليها ترامب: بس يا بتاعة الخليج.
وما بين قنابل الدخان التى يطلقها المرشحان كلاهما فى وجه الآخر ترتسم معالم الطريق المموه.. معالم الحرب العالمية الثالثة التى تدور رحاها الآن فى سوريا بين إمبراطورية أمريكية تزول وتأفل وبين إمبراطورية سوفيتية تستحدث من العدم.. العدم الذى دفنها فيه جورباتشوف فى 21 ديسمبر عام 1991 حين أعلن فى خطاب شعبى انتهاء الوجود القانونى لدولة الاتحاد السوفييتى وفى الـ 7 والنصف مساءً من ذات الليلة تم إنزال العلم السوفييتى الأحمر من أعلى الكريملين حتى الآن ! ومن يومها وقد برطعت أمريكا وحدها فى العالم إلى أن استفاقت علىٰ فضيحة نشر آلاف وثائق البريد الالكترونى لهيلارى كلينتون والذى يحكى عن التمويل الخليجى لحملتها الانتخابية الفاشلة السابقة وحملتها الحالية.. ووثائق مساعدتها فى تدمير ليبيا ومقتل الزعيم القذافى.. ودورها فى نشر الربيع العربى وتمزيق خريطته وبعثرة حدوده.. الأمر الذى جعل أوباما يشتعل غضبًا ويشتعل الرأس به شيبا ويعترف بأن بوتين وروسيا وجوليان أسانج وراء تسريب ونشر بريد وغسيل هيلارى كلينتون.. وصارت الحرب الأمريكية الروسية على المكشوف ليس فقط فى زعامة وقيادة العالم بل دخلت عمق الداخل الأمريكى.. صارت روسيا تنازع أمريكا فى رئاسة أمريكا!.. هذا لو فاز ترامب الذى تعتبره الإدارة الأمريكية الحالية مرشح بوتين والروس فى الولايات. والأسئلة التى يهمس بها الكبار عن دوره فى الانقلاب التركى الفاشل.. كان يادوب «قرصة ودن» ليبتعد أردوجان عن الملعب السورى.
مالذى يجعل عام 1991 هو سر الأسرار - الرقم - الذى نفك أعداده الآن؟
يوم أن فتت جورباتشوف - برعاية أمريكا - بلاده عام 1991.. هو نفس العام الذى اتخذته أمريكا حجة لها واحتلت العراق وسرقت نفطه وآثاره عام 2003 مدعية أن العراق أكمل منظومة أسلحة الدمار الشامل عام 1991 وهو كما نعلم عام سقوط الإتحاد السوفييتى.. فهل كان العام صدفة؟ طيب.. لو اكتشفنا سر العام 2011 لعرفنا أن التقويم الأمريكى لاحتلال وشرزمة بلادنا ليس صدفة ابدأ.. أنهت أمريكا احتلالها للعراق 2011 وأخذت منه نسائم ورياح الربيع العربى لتطلقه فى ذات العام على سوريا ومصر وتونس وليبيا والسودان واليمن.. حتى فوجئت أمريكا بالميت الذى يقوم من رقاده المؤقت كامل الهيئة والعتاد والسلاح والجاهزية لينتصر عليها ويزحزحها بدواعشها من سورية ثم العراق وربما اليمن وليبيا.. ليس ذلك فقط بل ليناصر «ترامب» المرشح الأمريكى الجنسية الروسى الهوى والهوية لدى أميركا.. وليسقط مرشحة الأمريكان داخل حدودها.. بالطبع.
حتى الآن هذا السيناريو يظل متخيلا وواقعيا فى آن معًا.. واقعيا فى حالة تم استدعاء النائب العام الأمريكى لكلينتون متهمًا إياها بفضح أسرار الدولة على بريدها الخاص.. متخيلا فى حال أن ظل القضاء الأمريكى الشامخ صامتا مطرمخا لا يستدعى هيلارى للقفص!! الشامخ الأمريكى لم يشأ فعل ذلك حتى الآن.. لكن لو حصل، ساعتها سيمرح ذو الشعر المضروب بالأكسجين والكرافات الحمراء دونالد ترامب عدو العرب والمسلمين.. وساعتها ربما يستعيد الاتحاد الروسى شرفه ورأسه وعلمه المنكسين على قبة الكرملين.. وساعتها سنصبح جميعًا أتونا لحرب عالمية ثالثة واضحة المعالم والأسباب بدأت فى 2011 ولا نعلم متى تنتهى بعد.. سترقص الامبراطوريتان علىٰ جثثنا طول العمر.