السبت 21 يونيو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
إنهم يقطعون الرءوس.. أليس كذلك؟

إنهم يقطعون الرءوس.. أليس كذلك؟






كى تدرك أن داعش ما هو إلا منتج غربى قديم الصنع تم تصديره شرقًا، عليك أن تتتبع مسار صناعة «المقصلة» الفرنسية فى القرن السابع عشر، منذ لويس السادس عشر، ولكى تدرك أننا أيضًا كعرب حلوين من يومنا، وكان لدينا براءة اختراع قديمة فى قطع الرءوس، مشروعنا الداعشى المحلى المزدهر، فعليك أن تتتبع الإنتاج منذ «الحجاج يوسف الثقفى»، ولكى تدرك كل الأحكام الصادرة بحبس مفكرينا فى مصر والأردن والمغرب وباقى أنحاء الوطن العربى شرقه وغربه. أنها ما هى إلا إعادة تدوير راق ومتطور لمنهج العالم القديم فى عشق وغرام قطع الرءوس، أو بتر العقول واللهو بها أمام الاشهاد، ليعتبر أولئك الذين يعانون من مرض الفكر. عليك أن تتدبر أمر ما حدث فى أسبوع عربى واحد:
1- إزالة اسم العظيمة «فاتن حمامة» من مدرسة بالقليوبية ليصبح اسمها «ترسا» وهو الإسم الأول لذات المدرسة.
2- إحالة الكاتب الأردنى «ناهض حتر» للادعاء بتهمة إهانة الذات الإلهية بعد نشره كاريكاتيرا على الفيس بوك يسخر فيه من الإرهابيين أدعياء الدين، فقام أدعياء الدين برفع دعوى ضده يتهمه فيها بالإساءة لله.
3- الحكم على الروائى المغربى «عزيز بنحدوش» بالسجن شهرين وغرامة مالية بعد صدور روايته «جزيرة الذكور» التى تتعرض لأحداث حقيقية جرت فى المملكة المغربية.
طبعًا عليك ألا تنسى نجيب محفوظ ونصر حامد أبو زيد وعبد الرحمن منيف وسعدى يوسف وإسلام بحيرى وكل الشعراء والكتاب والمفكرين العرب المنفيين داخل وخارج أوطانهم بتهمة امتلاك «رأس»، الرأس الذى لا ينحنى إلا بقطعه غالبًا.
وعليك ألا تنسى - كجملة عرضية - رأس يوحنا المعمدان المقدم على صينية للراقصة «سالومى»
لم يكذب أبدا دونالد ترامب لما اتهم هيلارى كلينتون وأوباما بإنشاء تنظيم داعش المسلم، ولم يكذب أوباما الذى اتهم بوش بإنشاء القاعدة وبن لادن، فأصل حكاية داعش وفحواها فى «حبكة» قطع الرءوس، وهى ذات النهج البشرى العنيف القديم قدم وجود الإنسان على الأرض منذ أن كان قطع الرأس يتم بالفأس، لكن يعود الفضل لتطويره الى لويس السادس عشر حين استبدل الفأس بالمقصلة، ثم راح يطور المقصلة بحيث تكون الشفرة حادة وبزاوية 45 درجة لضمان السرعة والكفاءة فى القطع.
حتى حين قامت الثورة الفرنسية على حكم لويس السادس عشر وزوجته مارى انطوانيت، وعلى تدخل الكنيسة فى حياة الناس وحكم البلاد، وتدخلها فى تجهيل العلم ومنع العلوم وقتل العلماء لضمان السيطرة باسم الدين على العقول، حتى حين قام ثوار فرنسا بالثورة ارتكبوا نفس الجرم الداعشى، لم يقطعوا بالمقصلة فقط رأس الملك وزوجته بل 6000 فرنسى فى 6 أيام، كانت الرءوس تفرش الشوارع والأرصفة، والدماء تفيض عن حاجة التراب والطوب والاسفلت.
قبلهم كان الإغريق يستخدمون الرءوس المقطوعة بالفئوس كديكور وخلفية للمسرح الرومانى العريق.
الدواعش كلنا فى الحقيقة لو اردتم أن تقبلوها هكذا، الدواعش حين نحبس الأفكار والكلمات والرؤى، الدواعش حين نقطع الألسنة بحجة الأمن والأمان، الدواعش حين نسمح للأرجل أن تركل العقول فى ملاعب الكرة العقيمة، أن تتدحرج الرأس مصابة بارتجاج فى المخ أو بجلطة فى المخ أو بسكتة فى المخ، وإن بقيت عفية فلا مناص من قطعها.