الأحد 22 يونيو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
عن أصحابى فى الفيس بوك.. أكتب

عن أصحابى فى الفيس بوك.. أكتب






كنت قد فكرت فى كتابة رواية عن أصحابى فى دنيا الفيس بوك: أصحاب افتراضيون فى عالم افتراضى - وهو ليس كذلك مطلقاً بالمرة - أصحاب متميزون خفيفو الظل مجانين بالفطرة، شعراء، وكتاب وعازفون، ورسامون، وأناس عاديون، جميعهم خرجوا  من رحم الواقع القاسى الجبار  هروبا إلى الافتراضى الحنون المتخيل - رواية إيشى خيال - لكنهم  وللغرابة وجدتهم  - وأنا معهم - جميعهم حزانى، وحيدون، دموعهم قريبة، أفراحهم بعيدة رجالا ونساءً، لا يملون من الحكى عن الوحدة، ويتفننون فى صياغتها بشتى الطرق كتابةً أو رسماً، منهم حرفيون فى فنون الكتابة الراقية، ومنهم ناس على قدّهم يتعثرون فى كتابة جملة عربية واحدة  صحيحة لغوياً.
ما هذا الفخ الذى انزلقنا إليه بفعل الأمريكى النيويوركى «مارك زوكربيرج» مؤسس موقع الفيس بوك؟ ماذا كنا سنفعل فى هذا العالم الأنوى الاستهلاكى البغيض  المقطعة أوصاله بدون تطبيق الفيس بوك الذى جمع شخوصا وقلوبا من شتى بقاع الأرض، شخوصا ربما لم تكن يعرف بعضهم البعض من قبل، وبعضهم - يادوب على الماشى كده يعرفوا بعض  - كالعابرين فى القطارات العابرة، يلتقون ويفارقون، وبعضهم كان ومازال فى علاقات وثيقة قديمة، وهكذا التقينا يا سادة فى الوطن الافتراضى بفيزا ممنوحة من السيد الأمريكى مارك زوكربيرج، وتستطيع أن تغادر هذهِ الدنيا العامرة - المصنوعة على إيدك هاند ميد - بالناس فى ثانية بلا طائرة ولا قطار ولا جمل، فقط امسح التطبيق واخلع.
وسألت نفسى: هل  لو شرعت فعلاً فى كتابة الرواية - ولسوف تكون سابقة - هل سأذكر أسماء حقيقية تتشكل لحما ودما داخل بوستات ضيقة؟ خاصة أن بعضهم يفرغ كامل ما فى جعبته من أحزان وحكايات وروايات وأسرار خاصة وعامة، لدرجة أن بعضهم سوف يصل الحال بهم أن يخبروننا ذات ليلة حزينة هزلية  بمواعيد دخولهم الحمام! إذن، صار معى  مادة دسمة لكتابة نص أدبى مخالف لما سبق، الكتابات السابقة تناولت الحياة الدنيا، بعضها استشرف خبرا من طرف الآخرة - رحم الله عبد الحكيم قاسم - لكن الكتابة هى هنا ستصبح هى المرة الأولى التى يتم فيها تناول عالم افتراضى اختار للعيش والجوار الناس بعضهم البعض بمزاجهم، لم يؤطرهم نسل ولا أسرة ولا وطن ولا حزب ولا لون ولا لغة ولا دين، فقط يجمعنا الحزن والوحدة، بالتأكيد سيكون الشاعر الكبير ابراهيم عبد الفتاح أحد شخوص روايتى  المزعومة، يحكى فى إحدى قصائده المنشورة على الفيس بوك:
(خلفتى بغيابك غيابى خلفتى بغيابى الحضور
ضيعت فى جيوب الشتا مفتاح ومشيت أزك بسطر فى كتابى
يا شعر شلتك عمر ع الطرقات
معرفش شايلك ولا شايلنى
سددت ياما أغانى من روحى
وقايضت بالوحدة وبالعتمة
آخر فاتورة نور
تحكى صديقتى الجميلة عفاف السيد حكاويها العديدة شعرا، حكايات الفوفا وتقول  فى واحدة منهم:
(تتأملك
ثم تعاود الترتيل
وحيدة)
صديقى الجميل الحزين محمد موسى يكتب: (وأنا الصادح بالوحدة وبالخيلاء).
يكتب عادل عبيد على صفحته: (ونختنق فى وحدتنا ملتقى بالجدران).
وهكذا يكتب اصحابى عن الوحدة والحزن أشعار وحكايا، هكذا انتهى بنا الحال من دنيا حقيقية ملموسة إلى دنيا الفضاء الإلكترونى الافتراضى!!
ما الذى فعلته بنا يا مارك؟