
هناء فتحى
عن المحجبة التى نزعت «بوركينيها».. وخلعت
مَن هى تلك المرأة المحجبة العارية، التى أشعلت العالم من فوق رمال شواطئ باريس الباردة واختفت فص ملح و داب لا حس ولا خبر؟ هل هى امرأة محجبة مسلمة فعلاً أم أنها تتبع ديانة أخرى؟ من يعرف؟ الغريب والمريب فى الأمر هو ألا تنشر أىوسيلة إعلامية عالمية مرموقة أو حتى صفراء معلومة عن ماهية تلك المرأة اللغز إلى الآن! ولماذا فعلت فعلتها بعد يوم واحد فقط من صدور قرار محكمة إدارية محلية فرنسية بحظر لباس البحر الاسلامى الشرعى على بعض شواطئ فرنسا؟ هل كانت تقصد إحراج الجمهورية الفرنسية ذات التقاليد العلمانية؟ أم أنها كانت تريد تصدير صورةً؟ إيصال رسالة؟ إشعال فتنة؟ أو ربما لم تكن سوى امرأة حزينة - ولا فى دماغها- جاءت تختبئ من الوجع الخاص فى دموع البحر الواسع بملابس المحجبات بدليل أنها خلعت الحجاب الشرعى بسرعة وسهولة أمام المصطافين الغرباء وجلست بالكومبليزون عادى؟
الصورة تقول: إن الشرطيين الاثنين كما نشرت صحيفة (دايلى مايل) لم يطلبا منها أن تخلع البوركينى.. فقط طلبا شيئين: 1- أن تدفع الغرامة 2- تغادر الشاطئ بملابسها فورًا. بدليل أنه فى ذات اليوم وعلى ذات الشاطئ «نيس» ومن محاضر الشرطة الفرنسية الرسمية - مش مضروبة - تم تسجيل 24 حالة غرامة لـ24 امرأة خالفن القانون المحلى الجديد بحظر البوركينى، ثم غادرن الشاطئ دون أن تخلعن بوركينيهن! فلماذا فعلت تلك المرأة وحدها ما فعلت؟
طيب، هل ارتدت المرأة ملابسها ثانيةً أم خرجت إلى الشارع عارية بالكومبليزون؟، لا نعرف، ولا أحد يعرف، ولا وسائل الإعلام قد التقطت لها صورةً أخرى تشرح لنا كيفية الخروج، كما أن المرأة هى الأخرى لم تتاجر بالحدث وكأنه لا يعنيها، لم تفصح عن هويتها لبرامج التوك شو المتعطشة لمثل هذه الحكايات الملتبسة والملغزة، والمصنوعة ربما.
طيب، عندما تعترف مصممة البوركينى «عاهدة الزناتى» المقيمة فى استراليا أنها تلقت 60 طلبية لزى البحر الشرعى عبر الإنترنت بعد واقعة المرأة المجهولة مباشرةً، هنا تستطيع أن تستخلص جانبًا جديدًا للحكاية! ما المانع؟
بالتأكيد تشى صورة المحجبة وهى تخلع ملابسها على الشاطئ بعدة أمور، من بينها أن هذه المجتمعات الأوروبية ذات الديمقراطيات والدساتير العريقة المحترمة لن تنجو بفعلتها، بجريمتها فى بلادنا، كل تلك الشعوب التى شردوها واستقبلوا لاجئيها جاءهم لاجئوها بـ«عبلهم» وتقاليدهم المعاكسة والمرفوضة فى بلدانهم العلمانية والتى تحرق شعوبهم صورة المرأة العربية، أما سياسيوها وحكامها الذين يبتزون دول الخليج فلهم شأن آخر جعلهم فورًا وبالمحكمة يعلقون قرار حظر ارتداء البوركينى على شاطئ نيس وكل الشواطئ، ولم لا وقد أعلن السيد «ساركوزى» ترشحه فى الانتخابات الرئاسية القادمة وهو المعروف عنه نجاحه سابقاً بملايين القذافى المغدور به من ساركوزى شخصيًا، ولم لا وقد حضر الرئيس الفرنسى الحالى أولاند اجتماع مجلس التعاون الخليجى الأسبوع الماضى، وهى المرة الأولى فى تاريخ المجلس أن يجتمع وبين أعضائه أى رئيس أوروبى! فعلها أولاند ياعرب.
فرنسا التى سارعت واعتذرت وتخلت عن تقاليدها العلمانية العتيقة لا تستطيع أن تتخلى عن المال العربى: شراء طائرات الرافال، تسليح الجيش اللبنانى بتمويل خليجى، تمويل الحملات الانتخابية أولاند أو ساركوزى مش مهم، إنقاذ الاقتصاد الفرنسى المتردى بعد خروج انجلترا من الاتحاد الأوروبى.
بالرغم من كل تلك التفاصيل الظاهرة التى تكوّن الصورة وتلك التفاصيل الباطنة المختفية للآن فإن الأصل فى المسألة هو الإباحة وليس المنع، من حق السيدة - أى سيدة - أن ترتدى ما تشاء دون أن يتطفل عليها أحد، وما كان عليها أن تخلع ملابسها علىٰ الشاطئ أمام عيون الرجال لو كانت حقًا محجبة مسلمة، أو ليست هذه نصوص دساتير بلاد برة؟