السبت 21 يونيو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
فرنسا: يا بلاد العطر والحرية وأبشع المذابح البشرية

فرنسا: يا بلاد العطر والحرية وأبشع المذابح البشرية






الشعب الفرنسى الذى استيقظ وأفاق من رقاده الطويل صباح أحد أيام الأسبوع الماضى - وكأنه لا يعرف تاريخ إمبراطوريته الدموى العتيق - علىٰ فيديو بثته إحدى جمعيات حقوق الإنسان الفرنسية يحوى مشاهد مروعة ومخجلة داخل مسلخ لذبح حيوانات حوامل بطرق وحشية وتقطيع أرحامها وفصل الأجنة التى تبدو بعضها فى حالة تكوين نهائى.
الشعب الفرنسى الذى روعه أن بلاده تذبح الحيوانات كما نذبح نحنُ خرافنا فى الأعياد، ياى، لكنهم يعيروننا بما نفعل دائماً واسألوا برجيت باردو.
لم يكن هذا الفيديو الذى بثته جمعية (إل 214) لحقوق الحيوان هو وحده ما أيقظ الشعب الفرنسى الرقيق الطبع على أخبار الدماء التى غطت علىٰ أخبار العطور والأزياء، لأ، ثمة دماء أخرى داخل وثائق أعنف وأكثر بشاعة ودموية ربما ستزلزل الأرض الفرنسية المروية والمسقية بالبارفان والروج، قول يارب.
1- فتحت قناة فرنسا 24 الأسبوع الماضى تحقيقا عن المجازر البشرية التى قامت بها فرنسا داخل الكاميرون، حين شنت حرباً سرية لم يعلمها أحد ولا حتى الفرنسيون أنفسهم فى أوائل ستينيات القرن الماضى، وفيها تعرضت قرى بكاملها لمجازر وحشية أكثر بشاعة مما حدث داخل المسلخ الفرنسى لذبح الحيوانات الحوامل.
لم تحتل فرنسا الكاميرون وحدها بل احتلت 14 دولةً إفريقية بالإضافة إلى دولتين فى آسيا: سوريا ولبنان، ولم تكن الإمبراطورية الفرنسية أكثر رقة وحنانا فى دبح البنى آدمين من طريقتها فى ذبح الحيوان.
2- فتحت صحيفة لوموند الفرنسية فى ذات التوقيت البالغ الدلالة والأهمية تحقيقا موسعا حول قضية تمويل القذافى لحملة ساركوزى الرئاسية 2007، ولا أدرى إن كانت الصحيفة ستستمر الأسبوع  المقبل فى تحقيقاتها حول مقتل الزعيم الليبى معمر القذافى وترك ساركوزى وبيرلسكونى فى دمه النازف ورقبته المنحورة وجسده المرشوق بالرصاص أم لا.. ولا أدرى إن كانت الصحيفة ستعرج علىٰ ضخ الدواعش فى الأرض الليبية ومنحهم السلاح الفرنسى لينحروا به رقاب الشعب الليبى كما ننحر خرافنا فى عيد الأضحى ومن ثم تغضب وتثور منظمات حقوق الحيوان الفرنسية من الشعوب العربية الهمجية، أم لا؟ لكن توقيت نشر ال لوموند للتحقيق لا يبدو بريئا أبدا بل فى سياقه تماماً، حكومات الغرب لا تفضح نفسها هكذا أمام شعبها لوجه الله والأوطان والإنسانية، لأ، لكنها لأجل الانتخابات الرئاسية الفاجرة، حين قرر ساركوزى الترشح لرئاسة الجمهورية الفرنسية ثار وامتعض اليمين الفرنسى بمرشحه المنافس، وقاموا بهذهِ الحركة القرعة واخرجوا وثائق ليبيا والقذافى والدماء المسكوبة.
3- ربما لا يعلم الشعب الفرنسى الرقيق الطبع المتألم من طريقة ذبح الخراف والجاموس أن بلاده الكبيرة سيدة ومؤسسة منظومة الوحشية فى التاريخ الحديث حتى قبل أن تشرع أمريكا فى «تسييح» أبدان اليابانيين بالقنابل النووية بعقود، ففى عام 1830 امطرت فرنسا كامل الأرض الجزائرية بالقنابل حتى استسلمت لها واحتلتها 130 عاماً، ثم مدت فرنسا يدها لتحتل تونس ثم المغرب ثم جيبوتى ثم مالى، ثم 14 دولة إفريقية سرقت مقدراتها وذبحت شعبها الثائر المنتفض.
4- لا أدرى إن كانت وسائل الإعلام الحرة جداً جداً الفرنسية ستحكى وستذكر للشعب الفرنسى حكاية احتلال بلادهم لجنوب السودان، حينما تنافست الإمبراطوريتان الفرنسية والإنجليزية لاحتلال الساحل الإفريقى وقتها، وهو ما يعرف الآن بجنوب السودان، جنوب السودان هو الجزء الفاضح الكاشف للاستعمار الفرنسى الجزء الغنى بالثورات الزراعية والحيوانية والمعدنية، ولو تفحصت الوضع السودانى الآن - المزرى والبائس- لأيقنت أن الاستعمار الفرنسى لم يستطع أن يحيا فى إفريقيا بدون احتلال جنوب السودان من جديد وهو ما حدث فى بداية الألفية الثالثة حين هددوا البشير بالجنائية الدولية أو يمنحهم جزءاً من بلاده علىٰ شكل تقسيم شمال وجنوب فترك البشير لهم جنوب السودان واحتفظ لنفسه بالعصا كى يرقص بها.