السبت 18 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
الترجمة العكسية قضية أمن قومى

الترجمة العكسية قضية أمن قومى






لى مع الترجمة العكسية حكايات  وبعض تجارب بعضها قد يكون طيبا والبعض الآخر لا؛ فقد قمت بالعمل كمترجم من العربية إلى الإنجليزية لعدد من الأعمال السردية والشعرية، كان بعضها كوسيط  كى يتم  ترجمتها إلى اللغة الإيطالية،  فقد ترجمت عددا من السير الذاتية وقصص الأطفال المصرية  كى تساعد المترجمة الدكتورة ماريا ألبانو أستاذ الأدب العربى بإيطاليا  لتترجم  عددا من القصص المصرية للأطفال إلى الإيطالية، كما قمت بترجمة ديوانين للأطفال للشاعر كريم العراقى بتكليف من إحدى دور النشر المصرية وهى دار أطلس  لكى يحصل  الشاعر على الجنسية السويدية التى تمنح للكتاب المهاجرين بشرط أن تكون لهم كتب مترجمة إلى الإنجليزية وقد كنت سعيدا بتلك التجربة لمساعدة كاتب عربى فى المهجر ليحصل على جنسية البلد التى يعيش فيه والغريب أننى لم أر الترجمة حتى الآن من دار النشر الكبيرة التى وعدت أكثر من مرة وآمل أن تحقق وعدها.
 الترجمة العكسية واحدة من التحديات التى تواجه العرب فى تلك الفترة الحرجة من عمر العالم، المرحلة التى لم يعد يرى فيها العالم المسلمين والعرب إلا كونهم إرهابيين رغم أن العالم يشاهد الإرهاب يعصف بتلك البلاد يوميا  وفكك بعضها مثل سوريا والعراق ويهدد وجود ليبيا واليمن ويحارب بضراوة مصر والغريب أنه يعيد تكوين نفسه ويعود لمهاجمة البلاد العربية  ليقضى على الاستقرار فيها تحت دعاوى متطرفة.
  الثابت أن تجارب الترجمة العكسية فى مصر لم تحقق أهدافها رغم أن الهيئة المصرية العامة للكتاب حاولت فى فترات سابقة أن تخوض التجربة وقامت بترجمة بعض الكتب والروايات والمسرحيات ونماذج لبعض الشعراء ورموز الكتابة المصرية  لكن التجربة ظلت حبيسة مخازن الهيئة ولم تقم بالفعل المراد تحقيقه، لعدة أسباب منها أن القارئ الحقيقى الذى يجب أن نتوجه له ليس موجودا، فالقارئ المستهدف لتلك الترجمة يجب أن يكون خارج الوطن فى المقام الأول  وليس داخله وعليه يجب أن نبحث عن حلول  فعالة ومؤثرة ومحققة للهدف من أسهل طريق وأقترح شيئين:
الأول: أن نتواصل مع دور النشر التجارية - فى الخارج - التى تود أن تقوم بترجمة الأدب العربى  ونسهل مأموريتها وندعمها فى الطباعة والتسويق والترجمة إلى أقرب لغة يريدها المترجم  كى تسهل له الترجمة إلى اللغة الأم عن طريق محرر من أصحاب اللغة وأتذكر أن بعض دور النشر البريطانية والأمريكية قد أرسلت للمجلس الأعلى للثقافة لترجمة بعض الأعمال القصصية للشباب وأعلن المجلس عن ذلك منذ ما يقرب من أكثر من 15 عاما وتقدمت مع عدد كبير من الكتاب الشباب وقتها وفزت مع ستة من هؤلاء الكتاب ولكن لا شىء حدث ولم تتم متابعة  الموضوع ويبدو أن الكتب قد غرقت فى المحيط الأطلنطى والبحر المتوسط، وأتذكر أيضا أن دار نشر جليمار الفرنسية قد أرسلت خطابا لاتحاد كتاب مصر حين كنت عضوا لمجلس الإدارة تطلب منه التعاون لنشر أعمال بعض الكتاب، أقول ذلك لنؤكد أن هناك دور نشر عالمية تبحث عن الإبداع المصرى.
ثانيا: أن نستضيف بعض المستشرقين الذين يجيدون اللغة العربية ونقوم بمساعدتهم فى مصر من خلال المعايشة الحقيقية للغة والثقافة المصرية وتذليل الصعاب كافة كى  يبدأوا  الترجمة وهم على قدر عال من الكفاءة، ثم نتواصل مع دور توزيع عالمية لتك الكتب لتوزيعها فى الدول الناطقة بتلك اللغة، مع مراعاة الشراكة مع بعض دور النشر التى ترغب فى ذلك.
 أرى أن توصيل الصورة الصحيحة للإنسان العربى المصرى إلى العالم الغربى والشرقى بات أمرا مهما وضروريا للغاية ولن تقوم بذلك إلا الترجمة العكسية التى تعكس صورة مجتمعنا المصرى والعربى، كما أن تصدير الأدب العربى للعالم كله بات شيئا  ملحا كان يجب أن نفعله منذ فوز الروائى الكبير نجيب محفوظ بجائزة نوبل.  وأخيرا أعتقد أن هذا الأمر يجب أن يكون هدفا مهما من أهداف المركز القومى للترجمة فى الفترة القادمة وأعتقد أن الدكتور أنور مغيث يستطيع فعل ذلك، وأن يكون هدفا من أهداف الوزارة الاستراتيجية خلال رؤية 20-30 التى تعد الآن مع وزارة التخطيط، لعل ممثلى الوزارة يدركون ذلك  ويضعونه ضمن الرؤى المستقبلية للوزارة؟.