السبت 18 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
حدود مصر الملتهبة

حدود مصر الملتهبة






من الكتب المهمة التى صدرت فى الأيام الأخيرة كتاب «حدود مصر الملتهبة» للكاتب الصحفى محمد شلبى أمين، عن دار سنابل للكتاب وتكمن أهمية الكتاب فى التساؤل الكبير الذى يسيطر على أى ناظر لحدودنا.. لماذا حدودنا ملتهبة؟ ولماذا ترك الاستعمار البغيض كل أطراف الدولة ملتهبة مع الجيران وأخذ من حقوق مصر الشرعية والحدودية وأعطى للأشقاء، بالطبع كان يريد أن يترك نارا تظل مؤججة فى النفوس مع الجيران الأشقاء ولأنه يدرك تماما البعد الاستراتيجى والإقليمى لمصر ودورها فى المنطقة العربية والإفريقية والإسلامية، فكان يجب أن يتركها كذلك حتى تأكل المشاكل أحيانا الصراعات المسلحة أو التهديد بها من عقل ووجدان وجسد الأمة العربية  
ورصد الكاتب محمد شلبى أمين فى كتابه ومن  خلال فصوله أن غالبية المنازعات فى العالم العربى حدودية.. برع الاستعمار البريطانى والفرنسى فى صناعتها من خلال اتفاقية سايكس بيكو بتقسيم هذا الوطن إلى دويلات زرع الفتنة بين شعوبه بحدود أضحت مشكلاتها هى السمة الرئيسة بين أقطاره.
ولأن مصر منذ بدء الخليقة هى العمود الفقرى وصمام الأمان للمنطقة العربية والقارة الأفريقية بموضعها وموقعها وحدودها التى تحولت بفعل هذا الاستعمار البغيض إلى حزام من اللهب كما فى عدة أماكن غاية فى الأهمية؛ فى أم الرشراش.. وحلايب وشلاتين، وواحة جغبوب،  وسيناء،  وتيران وصنافير، والعقبة. ورغم أن جميع الأراضى المتنازع عليها ملك لمصر إلا أن المستعمر الإنجليزى لعب دورا كبيرا فى التلاعب بالتقسيم كما فى  واحة جغبوب.
والانتقام العثمانى كما فى سيناء، والاحتلال الإسرائيلى لفلسطين العربية كما فى أم الرشراش التى تسميها إسرائيل ميناء ومدينة إيلات الآن، وتساهل الحاكم كما فى مثلث حلايب وشلاتين، بل والسودان ككل.. و أشار الكاتب محمد شلبى إلى النزاعات الحدودية  التى هى صناعة الاستعمار وأدواته، وعرج على التاريخ عندما رست مراكب المستكشفين الإسبانيين والبرتغاليين على شواطئ جزر الهند الغربية والأمريكتين، وإفريقيا، خلال القرن الخامس عشر، حين بدأوا فى غرس أقدامهم الاستعمارية وظلوا لأكثر من أربعمائة سنة جاثمين على صدور هذه الشعوب، وعلى أراضى هذه الأوطان، ولم يتوقفوا إلا مع اندلاع الحرب العالمية الأولى . مما حفز بريطانيا، وفرنسا، وألمانيا، وإيطاليا، وبلجيكا، لاستعمار الشرق الأوسط، وإفريقيا، وأستراليا، ونيوزيلندا، ومنطقة البحرالكاريبي، ومناطق كثيرة من آسيا.
كذلك بدأ اتحاد الجمهوريات السوفياتية الاشتراكية فى التوسع خلال النصف الأول من القرن العشرين وسيطر على روسيا ومعظم آسيا الوسطى وأوروبا الشرقية.
وعليه قام الاستعمار البريطانى والفرنسى من خلال اتفاقية سايكس - بيكو بتقسيم الوطن العربى إلى دويلات زرع الفتنة بين شعوبها بحدود صارت مشكلاتها هى السمة الرئيسة بين أقطارها.
وخلّف الاستعمار وراءه أكثر من مائة دولة جديدة، معظمها لم يكن موجودا بالمرة قبل وجوده ولم تظل  بنفس الحدود بعد رحيله، لذا وقعت عدد من الصراعات داخل حدود ما بعد الاستعمار وكانت أطراف هذه النزاعات تبرر وتضفى الشرعية على موقفها باستخدام الحدود التاريخية كأدلة لمطالباتهم .. وهنا يتضح أن غالبية المنازعات فى العالم العربى، حدودية برعت فى صناعتها بريطانيا الاستعمارية التى لعبت دورا رئيسا فى نشأة معظم هذه الحدود.
والتى تنبهت لأهمية وقيمة مصر بعد الحملة الفرنسية التى أعادت للعالم معرفة القيمة الحقيقية لمصر، حين قال نابليون بونابرت: «إن مصرهى أهم بلد فى الدنيا».
فسال لعابها وأخذت تعد عدتها للسيطرة عليها، ورغم فشلها سنة 1807م بسبب وحدة الجيش والشعب المصرى فى رشيد حين هزمت إنجلترا هزيمة مهينة تسببت فى عقدة نفسية زادت من الكراهية والحقد الإنجليزى على مصر وزادت من إصرارهم على احتلالها،لأنهم يقدرون قيمة مصر منذ بدء الخليقة، فهى صمام الأمان للمنطقة العربية والقارة الإفريقية بموضعها وموقعها وحدودها التى تحولت بفعل هذا الاستعمار البغيض إلى حزام من اللهب،كما فى.. أم الرشراش، وحلايب وشلاتين، وواحة جغبوب، وسيناء، وتيران وصنافير، والعقبة.. ويبقى السؤال الأصعب، مذا نفعل لنسترد حقوقنا التى لاتزال حبيسة عند الأخوة والأعداء؟