
هناء فتحى
كان يغتصبها بجد.. مش تمثيل
أدهشتنى، إلى حد كبير، صدمة فنانى هوليود تجاه العبقرى «مارلون براندو» وكذلك كل هذا الرعب الذى أصاب الشعوب الأوروبية والأمريكية تجاه إعادة بث اعتراف كاتب القصة والمخرج الكبير «بيرناردو بيرتولسى»: بأن مشهد اغتصاب «مارلون براندو» لـ «ماريا شنايدر» فى فيلم«The Last Tango in Paris» كان اغتصابا حقيقيا ولم يكن تمثيلاً. يااه، حتى تلك الشعوب المتحررة إلى حد مستفز بتموت فى جلدها من هذا الفعل حقيقةً كان أم تمثيلاً.
الفيلم الذى تم عرضه سينمائيا عام 1972 ويحكى قصة رجل وامرأة بوهيميين يلتقيان صدفة فى باريس وتضطرهما الظروف أن يعيشا معًا فى شقة واحدة ويتفقان أن يخفى كلاهما عن الآخر اسمه وأسراره، يمارسان الحب، وتسير البطلة عارية تماما أمام البطل فى مشاهد الفيلم، لكن يروعها إلى حد الجنون أن مشهد اغتصابها من عشيقها كان حقيقا 100/100، حيث اتفق مارلون براندو صباح تمثيل المشهد مع المخرج بنيته على اغتصاب البطلة بجد وجد - البطلة ذات التسعة عشر عاماً وقتها - لتأتى انفعالاتها حقيقية، لكن ماريا شنايدر- المصابة بالسرطان - اعترفت عام 2007 وقبل موتها بـ4 أعوام لصحيفة «ديلى ميل» بأنها شعرت بالإذلال والحقارة وأن مشهد الاغتصاب لم يكن موجوداً بالسيناريو أبدا وتم صنعه فى يوم تصويره.
نحنُ هنا أمام عدة وقائع ذات دلالات مهمة فى هذا الصدد:
■ أولا: لم تكن هى المرة الأولى التى تثار فيها الأتربة حول مشهد الاغتصاب فى فيلم «Last Tango in Paris»، لكنها المرة الثانية، وكانت المناسبة هذهِ المرة هى الاحتفال بيوم المرأة العالمى للقضاء على العنف 25 نوفمبر الماضى فكان أن قامت المؤسسة الإسبانية غير الربحية «El Mud De A by via» بإعادة نشر وبث الفيديو الذى اعترف فيه المخرج بالواقعة.
■ ثانيًا: بالرغم من النفى المتكرر للواقعة برمتها الذى أصر عليه ميكو الابن المتبقى لمارلون براندو حيث إن أخاه يقضى عقوبة بالسجن وأخته قد ماتت منتحرة قبل وفاة والدها، إلا أن تفكيرا مثل هذا من الوارد أن يطرأ علىٰ عقل الممثل العبقرى مارلون براندو، خاصة أنه كان فى نفس العام خارج لتوه من لعب دوره الخالد فى ثلاثية العراب، كان مأخوذا بالغرابة والشطح، فى ذات الوقتِ كان المخرج أيضاً يبحث لنفسه عن امرأة مجنونة وحرة يلتقيها صدفة ويعشقها دون أن يعرف اسمها وفصلها، ومن هنا كتب الفيلم، ومن هنا اجتمع المجنونان «مارلون براندو» و«بيرناردو برتولوتشى»، ومن هنا تفجرت فى مخيلتهما فكرة اغتصاب البطلة دون أن تعلم.
■ ثالثاً: تعرض المجتمع الأمريكى والمجتمع الفنى الهوليودى لأكثر من صدمة تخص الاعتداءات الجنسية أهمها ما صرح به «اليجاه وود» الذى لعب دور الطفل ذى الـ8 سنوات فى فيلم «سيد الخواتم» بأنه قد تعرض داخل استديوهات هوليود لمحاولات اغتصاب، وأن ظاهرة التحرش الجنسى فى هوليود ظاهرة منظمة، وتحظى بالحماية من قبل شخصيات نافذة داخل قطاع صناعة الأفلام.
■ رابعاً: منذ 4 سنواتٍ استحوذ الفيلم الأمريكى «الحرب المتوارية» للمخرج «كيربى ديك» والذى يحكى عن الاغتصاب داخل الجيش الأمريكى، علىٰ اهتمام واسع وقتها حيث زامنه اعتراف وزير الدفاع الأمريكى ليون بانيتا بأن آلاف حالات اغتصاب تحدث داخل الجيش، وصاحب الفيلم أيضاً استقالة مدير الاستخبارات «ديفيد بترايوس» إثر فضيحة أخلاقية.
■ خامساً: يعلم المجتمع الأمريكى جيداً أن ممثله الشهير «بيل كوسبى» هو الآخر متهم بـ21 قضية اغتصاب منها 12 قضية لممثلات زميلات والقضايا الأخرى مرفوعة ضده من عاملات بمجلة البلاى بوى، حيث دأب الممثل قبل أن يغتصب ضحاياه بأن يضع لهن المخدر فى فنجان القهوة.
■ سادسًا: طيب إيه بقى؟ المجتمع الغربى مصدوم من إيه؟