السبت 21 يونيو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
من «مجيد طوبيا» إلى شعب مصر

من «مجيد طوبيا» إلى شعب مصر






كتبت - أنت لن تعرف تحديداً المعنى والظرف والرسالة التى أرادها الأديب الكبير مجيد طوبيا،78 عاما، حين أقدم فجأة من داخل شرنقته  وسكونه الطويل علىٰ كتابة وصيته فى سابقة تبدو جديدة علىٰ الكُتَّاب المصريين، باعتبار أن أمورا متشابهات  قد قام بها كُتَّاب عرب وكُتَّاب آخرون من جميع بلاد القارات البعيدة، وصيته المهمة التى تبدو كأنها قصته الأخيرة، أو صرخته المدوية فى وجه بلاد تجاهلته وأجبرته علىٰ الانزواء والصمت ليبدو كأنه صار أحد أبطال روايته الشهيرة  «أبناء الصمت».
وصيته لم تكن عقاباً لنا ولا انتقاماً منا ولا نكايةً  فينا، على العكس تبدو كأنها مصالحة مع السنين، فقد أوصى بالآتى، أن تؤول كل ممتلكاته إلى مؤسسة مجدى يعقوب لعلاج أطفال مصر والعالم العربى.. ممتلكاته المتمثلة فى منقولات عينية من أثاث وسلع معمرة، وكل ما تبقى لديه من أموال فى حسابه الشخصى ودفتر التوفير. إضافة إلى مجمل إنتاجه الأدبى الحافل المهم، ويشتمل على إعادة نشر وتوزيع  قصصه ورواياته، له سبع روايات وسبع مجموعات قصصية وكتاب عن يحيى حقى وآخر للأطفال، وحتى اللحظة استجابت لوصيته دار نشر «تويا» ووقعت معه عقدين لإعادة طبع روايتيه: «تغريبة بنى حتحوت» و«الهؤلاء» وجار تصميم أغلفة الإصدارات الجديدة. وقام الأديب الكبير بالاتصال باتحاد كُتَّاب مصر لتحويل جميع مستحقاته بعد الوفاة لمؤسسة مجدى يعقوب.
ونحنُ  لا نعرف إن كان كل هذهِ   الدراسات الأدبية الكثيرة التى تناولت نقداً  أعمال الكاتب الكبير مجيد طوبيا وقارنت كتاباته بكتابات «كافكا» و«ألبير كامى» قد  ألهمته أن يحذو طريقا للكاتب التشيكى  «فرانس كافكا» الذى كان أحد الكُتَّاب الذين قاموا بكتابة وصيتهم، فقد أوصى كافكا  بحرق كل أعماله المخطوطة غير المنشورة! وعلى الرغم من أن أحداً لم ينفذ وصية كافكا بل على العكس تمت طباعة مخطوطاته إلا أن  مجيد طوبيا قد كتب وصية شديدة الإنسانية والعذوبة لمساعدة أطفال مؤسسة مجدى يعقوب.
ربما تشبه وصية مجيد طوبيا ما أوصى به الكاتب الإنجليزى العظيم وليام شكسبير حين قرر أن يؤول جزءاً من ثروته لأفراد أسرته والجزء الآخر يؤول لفقراء بلدته الأولى.. هى الوصية المحفوظة فى الأرشيف الوطنى البريطانى.
ثمة وصية طريفة لا تخلو من حزن وأسى  كتبها الكاتب السورى الكبير حنا مينا  حين أوصى أن يكون موته بلا جنازة ولا دموع  ولا سواد ولا عزاء.
لكن وصية مجيد طوبيا أثارت فينا الشجون.. فالكاتب الكبير الذى اعتزلنا بإرادته لم يتقوقع ولم يتشرنق  بل هو مغروس كالنبت فى احزاننا ويدرك جيداً هموم فقرائنا ومرضانا، ويعلم علم اليقين مقدار  حب المصريين وثقتهم فى العالم الدكتور مجدى يعقوب  ما دفعه أن يوصى بكل شىء يملكه لمؤسسته.
ولأننا لا نعرف الأسباب كلها التى أجبرت مجيد طوبيا أن يلوذ بذاته داخل شقته ويعتزلنا، لكننا نعرف أنه إحدى علامات كُتَّاب الستينيات  والحاصل على جائزة الدولة التشجيعية فى القصة عام 1979، ونعرف أنه كتب 7 مجموعات قصصية  هى:  فوستوك يصل إلى القمر، خمس جرائد لم تقرأ بعد، الوليف، الأيام التالية، الحادثة التى جرت، مؤامرات الحريم وحكايات أخرى،23 قصة قصيرة.
كما أنه أنجز 7 روايات هى: دوائر عدم الإمكان، الهؤلاء، أبناء الصمت، غرفة المصادفة الأرضية، حنان، تغريبة بنى حتحوت.
لمجيد طوبيا مسرحية وحيدة بعنوان «بنك الضحك الدولى» وكتاب عن يحيى حقى بعنوان  «عطر القناديل» ورواية للأطفال بعنوان  «مغامرات وحيدة»