الجمعة 17 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
ثقافة النقطة ومن أول السطر !!

ثقافة النقطة ومن أول السطر !!






الغرض وغياب الرؤية مصيبتان تضربان أى عمل فى مقتل فى مصر والعالم العربى، وإذا أضفنا عليهما ثقافة «نقطة ومن أول السطر» فإننا لن نتقدم أبدا فى أى شىء ولن نستمر فى  دعم وتطوير أى منجز من أى نوع، ولو بدأ بسيطا حتى نصل  إلى الصورة المثالية التى نريدها، أقول ذلك بمناسبة عشرات الأفكار التى بدأتها وبدأ عودها يقوى فى أماكن متفرقة من وزارة الثقافة، وكانت قد بدأت تأتى ببعض ثمارها، ولكن تلك الأفكار والمشروعات للأسف انتهت تماما بعد أن غادرت الأماكن التى كنت أديرها؛ كان بعضها مشاريع أدبية وثقافية لصالح الأدباء والكتاب والفنانين، وبعضها كانت مشاريع إدارية لصالح العمل.
  كنت أرى أن كتاب وأدباء مصر فى الأقاليم فى حاجة إلى تنشيط الحياة الثقافية والفنية التى تؤدى إلى حالة أدبية وثقافية حقيقية، سيكون لها دوائر تستفيد منها مؤسسات وكيانات أخرى مثل التربية والتعليم والشباب والرياضة والجامعات، وسوف تتضافر الجهود من أجل منظومة حقيقية سوف تخدم البلد فى النهاية،    فدورنا ليس فقط  مجرد مجموعة ندوات واجتماعات لنوادى الأدب و مؤتمر إقليمى وفرعى  وأربعة كتب لكل فرع ومجلة ربع سنوية.
أيقنت تماما حين توليت مديرا لثقافة القليوبية وإقليمى شرق الدلتا والقاهرة الكبرى والهيئة بعد ذلك أن هذا لن يكفى أبدا، وعلينا أن نفكر فى أشياء أخرى وأن نستفيد من المبالغ المرصودة استفادة كبيرة ولأقصى مدى، ودون أن نطلب أية مبالغ إضافية لأننا فى الحقيقة لن نحصل على شىء!! لذا كنت أحاول أن أفعل شيئا يحرك النشاط الثقافى ليكون أكثر فاعلية، فقمت بتأسيس الجرائد الثقافية الإقليمية فى شرق الدلتا والقاهرة الكبرى وشمال الصعيد وصدر من جريدتى «أخبار الشرق» والقاهرة الكبرى ما يقرب من عشرين عددا، وأسست عددا من السلاسل الأدبية التى تهتم بكبار المبدعين وهى سلسلة الآباء وأصدرنا 14 كتابا فى شرق الدلتا وأربعة من رواد القاهرة الكبرى لأسماء لامعة مثل فؤاد حجازى وصبرى موسى، سمير الفيل ومحمد محمد الشهاوى ومحمد جبريل وصلاح محمد على ومحمد خليل ومحسن الخياط وعزازى على عزازى، مصطفى الأسمر وصابر عبد الدايم وصلاح والى، وقمت بتأسيس سلسلة نقدية بعنوان رؤى نقدية لنشر دراسات أدبية حول كتب النشر الإقليمى التى تصدر من الفروع أو لأدباء الفروع لأهمية الحلقة النقدية المفقودة فى المشهد الأدبى  وأصدرت السلسلة ما يقرب من عشرة كتب نقدية أزعم أنها غطت الإصدارات، كما قمت بتأسيس سلسلة لكتاب الطفل بالدقهلية بعنوان غزل البنات كانت باكورة إصداراتها لفؤاد حجازى، وتم تأسيس سلسلة للترجمة بعنوان كنوز الترجمة، أصدرت الرواية الفرنسية الشهيرة للأطفال «تيستو» للمترجم د أشرف حسن، كما كان هناك اهتمام أيضا بالمبدعين من الأطفال وأصدرت لهم سلسلة تسمى الكاتب والرسام الصغير، بواقع كتابين لكل محافظة، وكنت قد بدأت التجربة فى فرع ثقافة القليوبية وبالتعاون مع المحافظة،  كل ذلك كان إضافة لسلسلة النشر الإقليمى القديمة، والحقيقة أن تلك السلاسل لم تمول إلا من فائض الميزانيات وحسن تدبير الاعتماد من ميزانية الإقليم، وأقمنا عددا من المؤتمرات النوعية الأخرى مثل مؤتمر الأدباء الشبان ومؤتمر الرواد ومؤتمر أدب الطفل فى دمياط والفيوم ومسابقة شاعر الشرق فى الشرقية  ومهرجان مسرح الغرفة فى دمياط والفيوم، ومهرجانات المنصورة والجيرة وأسيوط للأفلام القصيرة  لثلاث دورات ومهرجانات محمد القصبجى للموسيقى العربية وزكريا الحجاوى للفنون الشعبية، مشروع القوافل الثقافية أهالينا الذى تركت منه قبل رحيلى ما يقرب من 800 قافلة ثقافية للقرى المحرومة ثقافيا، ومشروع أولادنا بالمدارس، وليالى أضواء المدينة وصالونات الفن التشكيلى، ومشروع دعم الأفلام القصيرة للشباب بواقع 3 أفلام لكل إقليم ورصدت ميزانيتها فى الأقاليم فلم يتم شىء، كما اختفت أندية التذوق التى كان قد أسسها الشاعر سعد عبد الرحمن، وألغيت سلسلة التنوير برئاسة الكاتب الكبير محمد السيد عيد وهى السلسلة التى نحن فى حاجة ماسة إليها الآن وصدر منها كتابين مهمين  وكان يجب أن تستمر، ومن المشاريع التى تركتها فى المجلس الأعلى مشروع كامل للتدريب وهيكلة الإدارة المركزية للشئون رئيس المجلس وأطلس المواقع الثقافية، هذه المشروعات ليست على سبيل الحصر ولكنها على سبيل المثال، والأمر للأسف الشديد  نراه على كل المستويات والوزارات والهيئات والقطاعات كافة.
والغريب أن كل تلك الأنشطة اختفت، ووأدت برحيلى ورحيل بعض الزملاء ممن كانوا يتولون المسئولية معى، وكان لهم دور فى تأسيسها، وكأنه كتب علينا ألا نكمل الخطوات التى بدأها الآخر وعلينا أن نضع دائما نقطة ونبدأ من أول السطر، لنبدأ مشاريع جديدة لا يكملها القادم لأننا أعطينا له المثل والقدوة فى كيفية صناعة النقطة الكبيرة  لكى نبدأ من جديد، بلا استراتجيه أو رؤية من أول السطر.