
هناء فتحى
سيدات وسبايا البيت الأبيض
اللافت فى الشأن الأمريكى الراهن ليس فقط ذلك النفوذ السياسى والتجارى الجبار الذى تمارسه ابنة الرئيس الأمريكى «إيفانكا ترامب» علىٰ شئون الحكم ومصائر دول كبرى ودول صغرى، لا، بل اللافت هو الوضع المزرى الذى تبدو عليه السيدة الأولى للولايات المتحدة الأمريكية، فهل تبدو حقاً كسيدة أولى لأكبر دولة فى العالم؟ أم أن زوجها بعد أن صار الرئيس نظر إليها وإلى ابنته فقرر أن يصعد الابنة ويقصى الزوجة، أن يعيدها من حيث جاءت «غانية» فى قفص الحريم، وكأن «ميلانيا ترامب» لم تخرج بعد من غلاف مجلة البلاى بوى عاريةً مثيرةً، أو علىٰ أقصى تقدير تبدو سيدة الظل الأولى ميلانيا ترامب وكأنها كالكرافت الأحمر الغريب الذى لا يبدله الرئيس، كلاهما ميلانيا والكرافات مثيران للأسى، يكملان غرابة شعره الأصفر.
كان العنوان الصحفى الأهم الذى استخدمه موقع روسيا اليوم فى المائة يوم الأولى من حكم ترامب: «هو مائة يوم من العزلة» كان هو العنوان الكاشف للعجز الذى نأى مقصياً داخل حجرة بالبيت الأبيض بينما انفردت ابنته بمصائر القرارات الدولية، ولربما أيضاً - وهو الأرجح - أن إيفانكا التى أخذت قرار ضرب سوريا بالتوماهوك هى من أخذت قرار تحجيم دور زوجة أبيها داخل قصر الحكم الأمريكى، وليه لأ، هل تابعتم الزيارة الرسمية للابنة إلى ألمانيا الأسبوع الماضى وكيف تم استقبالها والاحتفاء بها من قبل ميركل؟ بينما تعيش زوجة الأب فى بيت بعيد عن زوجها مع «البارون»: إبنها ذى السمت الحزين، بالمناسبة: هل تابعتم صور ابن ترامب الأصغر؟ الولد لا يضحك مطلقاً، ولا يتحرك كتمثال جميل من البرونز، تماماً كأمه التى لا تغير تسريحة شعرها الأصفر المفروق من المنتصف ولا كسرة عينيها الكحيلتين الحزينتين.
ما يحكم أمريكا ليس فقط الرئيس والبيت الأبيض والبنتاجون والكونجرس وليس فقط المجمع الصناعى العسكرى الذى تتصدر أمريكا بموجبه المركز الأول عالمياً لبيع السلاح - الذى نقتل به بعضنا بعضاً فى الشرق الأوسط حيث تبيع لنا ثلث منتجاتها العسكرية - لكن الذى يحكم أمريكا أيضاً مجموعة اليهود رجال الأعمال الذين يديرون كل المؤسسات الكبرى داخل أمريكا، إيفانكا ترامب واحدةً من نسيج هذهِ المنظومة، بالإضافة إلى كونها شريكاً لإمبراطورية والدها المالية فهى أيضاً تحولت إلى الديانة اليهودية بعد زواجها من «جارد كوشنر» رجل الأعمال اليهودى فى 2009، فى الأسبوع الماضى كان أول تطبيق عملى لهذا الكلام، ففى أولى زياراتها الرسمية لألمانيا، باعتبارها السيدة الأولى، زارت النصب التذكارى للمحرقة اليهودية ببرلين وتأسفت علىٰ ملايين اليهود ضحايا هتلر!!
البنت إيفانكا بتلعبها صح الصح، بينما ميلانيا لا تزال متعثرة داخل تمثالها المتصلب بفستانها الأحمر وشعرها الذى يشبه شعر بيرجيت باردو، انفردت السيدة إيفانكا بالمراسم والزيارات الرسمية ورضيت ميلانيا الزوجة بدور الوصيفة داخل إدارة الحكم الأمريكى، ليس هذا فحسب، بل أيضاً بعد موقف الإدارة الأمريكية المتشدد من الهجرة إذاء طرد الإدارة الأمريكية للمهاحرين، حتى أولئك الحاصلين على الجنسية، هدد أحد محامى وزارة العدل بكشف تواطؤ قديم فى أوراق ميلانيا ترامب المهاجرة غير الشرعية والتى حصلت على الجنسية فى 2006، وهددوا بترحيلها من الولايات أن ظلت الإدارة بهذا التعنت تجاه المهاجرين.
يقيناً غيرت إيفانكا الصورة المعهودة منذ قرون للسيدة الأولى لأى رئيس فى العالم فلم نشاهد زوجة أى رئيس بهذا المشهد البائس من قبل، أظن أن مرده تلك العلاقة الزوجية المضطربة بين ترامب وميلانيا، يبدوان كغريبين نافرين من بعضهما البعض، بلا أى انسجام ولو حتى كذبا علشان الصورة تطلع حلوة، لم يستطيعا الكذب كمعظم الرؤساء وزوجاتهم.