السبت 18 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
شمس الآلاتى والفضائيات ومستقبل المسرح

شمس الآلاتى والفضائيات ومستقبل المسرح






أفرح كثيرا حين أجد محاولات جادة ومحترمة لعودة مسرح القطاع الخاص، هذا المسرح الذى كان مسئولا عن غرس بذور المسرح فى مصر والعالم العربى، وكان مسئولا عن تقديم درر هذا المسرح، فمن ينسى يعقوب صنوع ونجيب الريحانى وعلى الكسار ورمسيس  والفنانين المتحدين والإبيارى، كل هذه الفرق قدمت للمسرح المصرى عروضا حفرت فى ذاكرة أبى الفنون حتى الآن. كما كان مسئولا عن تقديم الغث أيضا، بما يعرف بالمسرح التجارى المرتبط بالسياحة العربية الخليجية فى الصيف، وكان العرض المسرحى مزيجا من الكوميديا المرتجلة وبعض الرقصات الفجة  والإفيهات الجنسية وبعض استعراضات لا علاقة لها بالسياق الدرامى للعرض من بعيد أو قريب.
سعدت كثيرا حين تلقيت دعوة من الصديق يسرى حسان لحضور العرض المسرحى «شمس الآلاتى» بمسرح نقابة المهن التمثيلية للمخرج المجتهد محمد علام، وكنت قد شاهدت له عرضا مسرحيا سابقا بمسرح الهوسابير تحت عنوان «الحب، الحب»، وبالسؤال عن منتج العرض عرفت أنها شركة إنتاج خاصة، أظن أنها تبدأ طريقها فى الإنتاج الفنى، سعدت لأنها تنتج مسرحا لمخرج جاد وفرقة من الممثلين  المجتهدين الجيدين، رغم أنهم ليسوا من النجوم القادرين على جذب رجل الشارع المحب للمسرح لمشاهدة عرضهم، إذا فالمغامرة ربما تكون كبيرة جدا.
والعرض يتناص اسما مع فيلم «شمس الزناتى» المصرى وإطارا حيث إن شمس العاشق للموسيقى يستدعى أعضاء فرقته القديمة ليقدموا فنهم للجماهير لينقذوا الذوق العام ويحاربوا الهبوط  والتردى، ومن هنا تأتى الحيرة، فأى نوع من الموسيقى من الممكن أن تقدم للناس وسط هذا الهلث الموسيقى السائد فى المجتمع، ويبدأ علام من خلال خلطة مسرحية تناسب الفكرة الأساسية، ويصل فى النهاية إلى أنه لن يصح إلا الفن الجيد، مهما تعرض هو وفرقته إلى إغراءات الشهرة والكسب السريع الذى لن يصل بهم إلى لا شىء فى نهاية المطاف، فموسيقى المهرجانات التى يحبها سائقو التوك توك لن ترضى غرورهم وخاصة شمس الذى رفضها كلية، وأعلن أنه لن يواصل معهم.
وقدمت المسرحية مجموعة من الأسماء الشابة المهمة، فقد صمم الديكور وائل عبد الله، وأعد  الموسيقى والألحان كريم عرفة، وكتب الأشعار راؤول جرجس وصممت الاستعراضات رشا مجدى، كما قدم العرض عددا من الممثلين الجيدين الذين سيكون لهم مستقبل مثل هانى سراج، لقاء الصيرفى، محمود عساف، محمد الحناوى، فادى يسرى، ضحى عادل، بورا ميشيل، أحمد شمس، ايناس الليثى، فيروز معوض، عمر صلاح، مايكل رفلة، ابراهيم سيد، وندا بهجت.
الجدير بالملاحظة أن العرض قدم رسالة مهمة حرص عليها فى الختام، رغم بعض الملاحظات الجديرة بالتغيير والإفيهات التى لم تثر إلا الاشمئزاز، وأعتقد أنها لن تفلت من مقص الرقيب الذاتى حين يتم عرضها على شاشات الفضائيات، وخاصة فضائية dmc التى بها الكثير من روح ووقار التليفزيون المصرى ولكن بثوب جديد، أرى أن حضور تلك القناة لتصوير العرض وبثه سوف يعطى بالتأكيد روحا جديدة للعرض ودعما أراه غاية فى الأهمية، ودفعا لكل الفرق التى تود أن تقدم مسرحا منتجا على نفقتها أو على نفقة شركات إنتاج خاصة، وسوف يساعد ذلك فى دفع عجلة الإنتاج المسرحى.
وقابلت بعد العرض المخرج أحمد طه مدير قناة المسرح التى سوف تطلقها قريبا شبكة dmc وهو أحد أبناء مسرح الثقافة الجماهيرية والذى يعرف كل شبه مسرح فى قصورها، وأكد أن القناة سوف تهتم بأنواع المسرح كافة، وسوف تهتم بمسرح الدولة والهواة والقطاع الخاص والتجارى والجامعى وسوف تهتم بكل فنون الأداء وفرق التراث والفنون الشعبية والاستعراضية.
وبهذه المناسبة، أدعو قطاعات الوزارة للتواصل مع dmc وبحث آلية العمل مع القناة بما يحقق الفائدة للطرفين وسوف يحقق ذلك للوزارة دخلا يساعدها فى إقامة أنشطتها المتنوعة والمختلفة من خلال العائد المادى الذى سوف تدره القناة، وأقترح أن يتولى صندوق التنمية الثقافية أمر التعاقدات التى من الممكن أن تتم طبقا لنص المادة 38 من قانون 89 لسنة 98 لصالح الجهات وبحسابات خاصة داخل الصندوق تصرف منه على أنشطتها، ويكون للصندوق نصيب من الدخل كمسئول طبقا للقانون وهو متاح فى قيام بعض المؤسسات الوطنية  بدور بعضها فى مقابل نسبة من التعاقدات، وتوجد سوابق فى ذلك ويسمح قانون المجلس الأعلى وقانون صندوق التنمية الثقافية بهذه الاتفاقات، فهل يتواصلون ويجلسون للوصول إلى صيغة قانونية وإدارية تحقق المنفعة العامة أم سيفسدها الموظفون الصغار الذين يصدرون قصورهم أحيانا للكبار.
وأخيرا، أعتقد أن العائد من تصوير المسرحيات فى كل القطاعات كافة وبثها سوف يساهم فى دعم حركة المسرح المصرى ومستقبله؛ وخاصة مسرح الدولة والهواة والتجارى والجامعات وحتى المدرسى، ويدعم ملف التنوير والعدالة الثقافية من وصول منتج كل وزارة الثقافة لمستحقيه، فضلا عن دعم أنشطة جديدة من ميزانية تصوير تلك العروض.