الإثنين 27 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
تاريخ الحركة الحقوقية فى مصر ـ 6

تاريخ الحركة الحقوقية فى مصر ـ 6






كان قدر الوفديين أن يكون دورهم هامشيًا داخل أحداث حركة حقوق الإنسان، فقد كانت المنظمة المصرية تكتفى بعضوين فى مجلس أمنائها، أو ثلاثة على أكثر تقدير، ومن أشهرهم نقيب محام القاهرة الأسبق المرحوم عبدالعزيز محمد والسيدة منى قرشى وأيمن نور والمحامى عصام شيحة.. وبطبيعة الحال لم يستعن اليسار، بمختلف فصائله، بشخصيات عامة ليبرالية أو من داخل حزب الوفد فى مجالس أمناء مراكزهم.
كما أدى احتكار الناصريين واليساريين العمل فى مجال حقوق الإنسان إلى تأخر ظهور منظمات حقوقية بمبادرات من شخصيات وفدية، على أن الأمر لم يدم طويلاً ففى عام 2003 أسس محمود على أحد قيادات جيل الوسط بحزب الوفد «الجمعية المصرية لدعم التطور الديمقراطى»، والتى كان الناشط الحقوقى أيمن عقيل أمين صندوقها، وحصلت الجمعية على أول تمويل لها من منظمة الوقف الأمريكية.. استعان محمود على بشباب وفديين للعمل معه بالجمعية وهم عماد رمضان وأحمد سميح وصفوت جرجس وجوزيف إبراهيم «أسسوا جميعهم مراكز حقوقية فيما بعد».
فى عام 2004 استطاع أحمد سميح الشاب الوفدى الذى لم يكمل آنذاك عامه الثلاثين أن يؤسس مركزه الخاص وهو «مركز أندلس لدراسات التسامح ومناهضة العنف» وحصل على أول تمويل له فى إطار تحالف ضم مركزه وجماعة تنمية الديمقراطية التى يترأسها المحامى نجاد البرعى والمنظمة العربية للإصلاح الجنائى التى يترأسها الناشط الحقوقى محمد زارع، وتأسس ملتقى الحوار للتنمية وحقوق الإنسان بمبادرة من كاتب المقال، وأسس عماد رمضان مركز «المعهد المصرى الديمقراطى» كما أن صفوت جرجس أسس «المركز المصرى لحقوق الإنسان» وأقام جوزيف إبراهيم «المركز المصرى للتنمية وحقوق الإنسان» إضافة إلى صلاح سليمان الذى أسس «مؤسسة النقيب للتدريب ودعم الديمقراطية» وكان آخرهم وائل طوى من قيادات شباب الوفد بالإسكندرية الذى أسس مركز الطريق عام 2009، وأرجو ألا أكون مبالغًا حين أقول إن انخراط الشباب الوفدى وقيادات جيل الوسط بحزب الوفد فى تأسيس منظمات حقوقية كان أحد أهم الأسباب التى أدت إلى انهيار حزب الوفد منذ عام 2005 حتى تهاوى تمامًا فى 2010.
انخراط شباب الوفد الموالين لمحمود أباظة تم استخدامهم فى العمل الحقوقى وحصولهم على التمويل كإحدى أهم أدوات الصراع بين محمود أباظة رئيس حزب الوفد فى ذلك الوقت والدكتور السيد البدوى المرشح لرئاسة الحزب، وتم اتهام شباب الوفد من أصحاب الجمعيات بأنهم منظمات أمريكية داخل الوفد وأنهم يتلقون التمويل من أجل إفساد أعضاء الوفد، وهى تهمة يعلم مروجوها أنها كاذبة تمامًا لكن نتائجها أثمرت وأسفرت عن فوز السيد البدوى برئاسة الوفد، ومن ثم فصل كل أصحاب الجمعيات الحقوقية من الوفديين من حزب الوفد.
على الجانب الآخر لم يرحب أصحاب المنظمات الحقوقية من الناصريين واليساريين بشباب حزب الوفد كأعضاء جدد فى الحركة الحقوقية، فى الوقت الذى نجح فيه اليسار فى تنظيم صفوفه فقد فشل شباب الوفد فى التأثير بشكل واضح بالحركة الحقوقية وعليه فقد ضلت المنظمات الوفدية طريقها إلى خريطة العمل الحقوقى فى مصر لأسباب كثيرة ليس محلها الآن، إلا أنه من المؤكد أن الوفديين فى المنظمات الحقوقية افتقدوا خبرة اليسار فى العمل التنظيمى وعقد التحالفات فيما بينهم وتجاوز الخلافات الضيقة بل على العكس كان الخلاف واضحًا للعيان بين المنظمات الوفدية وانعكس الخلاف السياسى بينهم داخل الحزب على عملهم الحقوقى، وتشرزمت المنظمات الوفدية الحقوقية.. اختزلت المنظمات الوفدية عملها الحقوقى على بعض القضايا ذات الصلة بالديمقراطية، وخاصةً التركيز على مراقبة الانتخابات وأدى افتقادها لخبرة اليسار فى الحصول على التمويل وتنويع مصادره إلى تكلس تلقائى لتلك المنظمات لتخرج من السباق دون تأثير كبير فى الحركة الحقوقية، فضلاً عن خروجها أو إخراجها قسرًا عبر فصلها من حزب الوفد، أعلم أن تردى مستوى الأحزاب فى مصر وتراجعها وافتقادها لدورها الاساسى بإعتبارها مدارس سياسية يشجع فى بعض الأحيان كوادر الأحزاب على الانخراط فى عمل المنظمات الحقوقية للإشتغال بالشأن العام لكن لا يجب أبدًا أن ننبه إلى الفارق الكبير والواضح بين العمل السياسى التطوعى وبين العمل الحقوقى الممول الذى كان سببًا فى قتل روح التطوع فى مصر وتحول الانشغال والاشتغال بالشأن العام من عمل تطوعى داخل الأحزاب إلى عمل بأجر وأكل عيش وهذا مكمن الخطر.