عصام عبد الجواد
مصر القوية
الأحداث الجارية التى تتلاحق بسرعة رهيبة فى غزة تثبت كل يوم أن مصر دولة قوية، دولة ذات سيادة لها سياسة خارجية واضحة ومحددة ولا يستطيع أحد أبدًا أن يشكك فى دور مصر المحورى الذى تقوم به تجاه القضية الفلسطينية على مر التاريخ، وفى هذا الوقت بالذات الذى أصبح فيه العالم على حافة الهاوية ومنطقة الشرق الأوسط بالتحديد على وشك الانفجار، ولكن قوة مصر وصبرها جعلاها تدير الأحداث بحكمة بالغة يحسدها عليها العدو قبل الصديق، فطوال ما يقرب من ثمانية أشهر هى حرب إسرائيل على غزة، ومصر لم تتوقف أبدًا عن دعمها للقضية الفلسطينية ودعمها بكل الطرق وكل الوسائل لوقف حرب الإبادة التى يقوم بها المحتل الإسرائيلى.
فالدبلوماسية المصرية طوال هذه الفترة لم تتوقف لحظة واحدة عن استخدام تأثيرها الدولى العميق لتعزيز الجانب الإنسانى على مجرد دخول المساعدات إلى القطاع، بل امتدت لتشمل زيادة القوافل المتوجهة للقطاع قبل أن تغلق إسرائيل معبر رفح وامتد تأثير مصر لحشد المجتمع الدولى نحو الضغط على إسرائيل لوقف الحرب واستئناف عملية التفاوض من أجل هدنة إنسانية طويلة الأمد تنهى بها الحرب المستمرة على أشقائنا فى غزة بعد أن أصبحت غزة على حافة الهاوية وبدأت المجاعة تضرب كل مكان فيها.
مصر دورها واضح وضوح الشمس من اليوم الأول لحرب الكيان الصهيونى على غزة لوقف الحرب واللجوء إلى طاولة المفاوضات التى لا بديل لها من أجل حقن دماء أهل غزة وإعادة الحياة مرة أخرى إلى هذه المنطقة العزيزة على كل مصرى وعربى ومنع التهجير القسرى.
ومنذ البداية كان موقف مصر بأن الخراب والدمار لن يحقق شيئًا، وأن التفاوض والحوار هو الذى سيحقق هدف كل الأطراف، ومرت الأيام وقد ثبت صحة وجهة نظر مصر؛ طوال ثمانية أشهر من الحرب والتدمير والقتل والتشريد لم تحقق إسرائيل أى شيء فى غزة غير قتل الأطفال والنساء، ولم تستطع القضاء على حماس أو إعادة الأسرى ولن تستطيع، وكان عليها وعلى المجتمع الغربى وأمريكا الذين وقفوا بجانبها من اليوم الأول الاستماع إلى وجهة نظر الدبلوماسية المصرية من أول يوم للحرب قبل أن يستفحل الأمر ويصبح معضلة صعبة.
صبر مصر وحكمتها هى التى حافظت حتى الآن على الوضع فى الشرق الأوسط، كما هو حتى الآن دون تهور أو انزلاق فى مستنقع كان لا يعلم إلا الله سبحانه وتعالى نهايته رغم العراقيل التى يختلقها المحتل الإسرائيلى كل يوم من أجل إطالة أمد الحرب، وفى نفس الوقت مصر مستعدة تماما لأى ردة فعل، فهى تمتلك من القوة والقدرة التى تجعلها أن تحافظ على حقوقها كاملة وبالردع، الذى يستدعى ذلك فرغم ما يحدث من تغيرات كل يوم فى المفاوضات بين الجانبين، إلا أن مصر لم ينفد صبرها وتعود مرة أخرى لدعوة الأطراف للتباحث ومحاولة تقريب وجهات النظر من أجل التوصل لحل نهائى قد يكون وشيكًا إن شاء الله.
فتحية إجلال وإكبار للدبلوماسية المصرية وللقيادة الحكيمة التى حافظت على وضع مصر فى هذا الوقت العصيب وتحية لكل فرد يعمل من أجل رفعة مصر.