الأحد 16 يونيو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
الصرخة وحرب المقالات الافتتاحية!

الصرخة وحرب المقالات الافتتاحية!

سرعان ما عرف القراء فى مصر أن مجلة «الصرخة» هى نفسها مجلة «روزاليوسف» التى أغلقتها حكومة صدقى باشا، لكن ما لفت انتباههم وقتها هو وجود اسم الصحفى محمد على حماد يشارك التابعى والسيدة «روزاليوسف» فى تحرير هذه المجلة.



وتقول «روزاليوسف»: الأستاذ محمد على حماد هو صديق قديم، وكاتب نابه، كان قد أصابه فى المجلة التى كان يصدرها ما أصابنى فى مجلتى وهكذا اجتمع المتعوس على خايب الرجا فى صعيد واحد.

وإذا كان الأستاذ محمد التابعى قد اكتفى بكتابة وتحرير باب «الجو السياسى» فى صفحتين كل أسبوع، فإن «محمد على حماد كان يكتب افتتاحية العدد التى تشغل الصفحة الثالثة من المجلة وبعض المقالات الفنية بتوقيع «م.ع.ح» وهى الأحرف الأولى من اسمه.

ومن عشرات المقالات أتوقف أمام بعض هذه المقالات المهمة فى وقتها، ومن هذه المقالات: رئيس الوزراء لا يهمه حزبًا ولا حزبين، وفيه يقول: من أنت وما مكانك بين أبناء هذه الأمة حتى لا يهمك حزبًا ولا حزبين؟!

ومقال آخر عنوانه: «قبل ما يلعب برنامج سينما الشعب الجديد ويسخر فيه من الحزب الذى كونه صدقى باشا، ومقال آخر بعنوان: «النيابة العمومية بين عهدين».

وافتتاحية مهمة بعنوان: «الصحافة والوزارة القومية ريمة تعود إلى عادتها القديمة» جاء فيه: ما ذنب محرر المجلة الأسبوعية أن تعطل صحيفته ويقصف قلمه ويصادر من مورد رزقه دون أن تمهد له الوزارة أو تنذره وتحذره ليعلم أنه قد أمعن فى الزراية والحط من مكارم الأخلاق كما تقول فى قراراتها، وبما لو علم المسكين لخفف من لوعة هيامه ولطَّف من عبارات الود والحنو التى يسبقها على الوزارة  فأمن شر التعطيل والمصادرة إلى حين».

وبمناسبة نهاية عام 1930 يكتب «فى السماء المحبة وعلى الأرض السلام»، وفى عدد 30 ديسمبر سنة 1930 يكتب «إيه الأخبار يا أستاذ؟!» فيقول: سؤال يدرك الأستاذ أينما يكون فلا مفر منه  ولا مهرب ولا حيلة للأستاذ فى رفعه بالتى هى أحسن؟! القارئ لا يرحم ويريد أن تخرج له الصحيفة ملأى بالأخبار مكتظة بكل جديد مشوق من مقال طريف أو بحث ممتع أو خبر يثير اهتمامه ويجد فى أنباء السياسة وحوادث اليوم وتقلبات الأزمة ألف موضع للسؤال والتحرى، ويريد من الصحيفة أن تسد كل هذا الفراغ وأن تشبع نهمه فتقص عليه ما تعلم من هذه الأسرار وحقيقة ما تدرى من هذه الشائعات التى تملأ الجو حوله.

ماذا يفعل الأستاذ وإدارة الأمن العام بالمرصاد والنيابة العمومية فى انتظار الزبائن الكرام من رجال الصحافة يتوج كل هذا إنذارات رئيس مجلس الوزراء وقرارات مجلس الوزارة بالمصادرة والتعطيل.

ومع أول أعداد العام الجديد يكتب افتتاحية بعنوان «حظ الصحافة فى مصر».

وابتداء من العدد 24 يبدأ فى كتابة الافتتاحية طالب الطب الزجال «د.سعيد عبده» فيكتب عن «كل شىء هادئ فى الميدان المصرى» ثم يسخر من «صدقى باشا» وحزبه فيكتب «عزاء لصاحب الدولة فى حزبه المحتضر» قائلًا: كان حزب الشعب يوم ميلاده مهزلة وهو اليوم فى احتضاره عبرة العبر ورثاء الشامتين، ولد الحزب فى ليلة مظلمة تحت سماء تهاوت منها الصواعق، وقيل للناس من دخل دار هذا الحزب فهو آمن، ومن زغرد له فهو آمن، ومن دعا له بطول البقاء كتبت له براءة من السيف والنار!

فلم يدخل داره أحد ولم يزغرد له أحد ولم يدعُ له أحد بطول البقاء! فعزاء يا صاحب الدولة فى حزبك المحتضر! وهكذا ظلت مجلة الصرخة، طوال الأعداد التى صدرت منها تقاوم وتجاهد فى سبيل المبدأ والعقيدة!

للذكريات بقية!