الجمعة 26 ديسمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
العقاد يأمر لويس عوض بعدم شتيمة النحاس!

العقاد يأمر لويس عوض بعدم شتيمة النحاس!

لم يكن طلبة الجامعات أو المدارس الثانوية وقتها بعيدين عن معركة الأستاذ «عباس محمود العقاد» مع حزب الوفد وزعامته مصطفى النحاس ومكرم عبيد.



ومن هؤلاء كان الشاب وقتها «د.لويس عوض» وقد حرص على تسجيل شهادته فى كتابه البديع «أوراق العمر» ويحكى قائلًا:

كنت أنا شخصيا قد تمردت على الوفد أيام أزمته مع «عباس العقاد» وطرده عام 1935 بسبب مهادنة النحاس لوزارة توفيق نسيم وهى ما عدها «العقاد» تفريطًا فى دستور 1923.

وكان هذا تطرفًا منى فى الدفاع عن الدستور ورفض كل تسويف فى إعادته وكان «النحاس» لا يُذيع على الجماهير أسرار العراقيل فى طريق عودة دستور 1923 فحسبنا أنه سلك سبيل المهادنة!

وقد بلغ من غضبى لسكوت «النحاس» باشا على تسويف توفيق نسيم فى إعادة دستور 1923 إنى قُدت مظاهرة صغيرة من كلية الآداب قوامها نحو عشرين أو ثلاثين طالبًا لتأييد العقاد وخرجت بها إلى مكتبه فى روزاليوسف بشارع «محمد سعيد».

وهناك أعلنت للعقاد: إننا جئنا نؤيده فى دفاعه المتشدد عن إعادة دستور الأمة وهتفت بحياة الدستور وبحياة «العقاد» فردد الطلبة الهُتاف ورائى ثم أخذنى الحماس فهتفت بسقوط النحاس فران صمت قاتل على المجتمعين وهنا تدخل «العقاد» قائلًا بصوته العميق المشهور: «لا بلاش دى!!»

ويعترف د.لويس عوض قائلًا: وأحسست بالخجل وانصرفنا، باختصار كنت وفديًا أكثر من الوفد!

وكان منطقى بسيطًا نحن وفديون لأن الوفد يدافع عن الدستور والاستقلال فإذا هادن الوفد حكومة تماطل فى طلب الدستور أو الاستقلال كان هذا تفريطًا فى سبب وجوده، وكان هذا مدعاة للتخلى عنه».

وأنا لم أندم على هذا الموقف المثالى أبدًا، وإنما ندمت على سوء أدبى، فقد كان فى قلبى من الإجلال لهذا الزعيم العظيم «مصطفى النحاس» ما كان ينبغى أن يوقف النداء بسقوطه فى حلقى كما أوقفه فى حلق زملائى.

وفى حوار للدكتور لويس عوض مع د.غالى شكرى يعترف:

لقد دخلت المرحلة الثانوية عام 1926 وكنت فى الحادية عشرة من عمرى، وبدأت حينذاك اقرأ لعباس محمود العقاد كتابه الفصول والمراجعات وساعات بين الكتب.. وكان يزاملنى فى المدرسة «عبدالحميد عبدالغنى» وهو «عبدالحميد» الكاتب وكنا نصدر معًا مجلة اسمها «الإخاء» أحرر فيها بتوقيع «العقاد الصغير»!

فى ذلك الوقت كنت قليل الاكتراث بطه حسين بسبب عدائه للوفد، وكان حماسى للعقاد قد بلغ أن أذهب إلى محطة المنيا مرتديًا الجلباب فى التاسعة مساءً فما أن يصل القطار الذى يحمل «البلاغ الأسبوعى» حتى أتناول نسختى على الفور خشية نفادها.

كان «محمد محمود باشا» - رئيس الوزراء - قد عطل دستور 1923، وكان العقاد يكتب فى مقاله السياسى سبابًا بذيئًا ضد رئيس الوزراء الديكتاتور وكان هذا السباب يرضى مشاعرنا ضد حكومة الطاغية.

إن العقاد بشراسته الوطنية وعدائه للملك فؤاد كان يستهوينا تمامًا.

وبعد سنوات طويلة يصف د.لويس عوض ذلك كله بقوله: «لم يكن هناك جدل سياسى ولكن مجرد سيل من الشتائم والبذاءات والهجاء الشخصى».

وللذكريات بقية!