الإثنين 27 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
للمنظمات الحقوقية دور فى صناعة القرار

للمنظمات الحقوقية دور فى صناعة القرار






هى محاولة أخرى للتعرف على الخريطة العقلية والمعرفية لبعض المنظمات الحقوقية التى قامت على أنقاض حزب العمال الشيوعى وتنظيمات الاشتراكيين الثوريين وتعاطيها مع أحداث ثورة 25 يناير، وهى الثورة كانت التى كانت أو هكذا اعتقدت المنظمات الحقوقية الشيوعية والتروتسيكية فى مصر أن حلمهم فى الثورة الاشتراكية قد تحقق وأن الثورة هى الجائزة الكبرى ليتقدموا طليعة الثوار ومن ثم قيادة الثورة!
فالمنظمات الحقوقية كان يمكن لها أن تمارس دورها الطبيعى باعتبارها رقيبا مستقلا ومحايدا على آليات الممارسة الديمقراطية بحكم أن مرجعيتها فقط هى الاتفاقيات والمواثيق ذات الصلة بالحقوق المدنية والسياسية؛ وكان يجب على المنظمات الحقوقية الجادة والمحايدة وعقب صدور تعديل قانون الأحزاب السياسية وتأسيس أحزاب جديدة أن تقوم هذه المنظمات بدورها الطبيعى فى : رصد حالة الممارسة الحزبية وكشف الانتهاكات للرأى العام وصناع القرار، ومساعدة ضحايا انتهاكات الحق فى حرية التنظيم، وتدريب كوادر المؤسسات الحزبية على آليات الممارسة السياسية الإيجابية إلا أن ما يؤسف له أن هذا لم يحدث ولم يخطر على بال ما أسمت نفسها بالمنظمات المستقلة فقد كان همها الأكبر هو إعادة هيكلة وزارة الداخلية وإطلاق حملة لا للمحاكمات العسكرية؛ وتظهر البوسترات الفاخرة والترويج الإعلامى ولقاءات المنظمات اليسارية مع ممثلى السفارات والبعثات الدبلوماسية فى مصر وكذلك مع مندوبى المنظمات الأجنبية فى مصر ثم تخرج هذه المنظمات كتيبا فاخرا لمبادرة كاملة الأركان لما أسموه هيكلة وزارة الداخلية متى وأين وكيف ومن المتخصصين الذين أعدوا هذه الخطة لا أحد يعلم، وعلى الرغم من أن ثورة يناير كان باعثها ومفجرها هو انخفاض معدل التنمية وزيادة نسبة الفقراء فى مصر والتى لخصته القوى المفجرة للثورة فى شعارها عيش، حرية عدالة اجتماعية إلا أن هذه المنظمات لم تولى اهتماما إلى مثل تلك القضايا الثانوية من وجهة نظرها فقد كان تركيزها الأساسى على الشرطة والجيش، كما لم تلتفت هذه المنظمات إلى روح التعصب وأحداث الفتن الطائفية التى طفت على السطح فى ذلك الوقت رغم خطورتها على وحدة الأمة وتهديدها المباشر لتماسك المجتمع والتى كان يجب على تلك المنظمات أن تلعب دورها الأساسى فى العمل على نشر ثقافة التسامح وقبول الآخر واحترام مبدأ المواطنة وتنمية روح العمل التنموى الجماعى والتطوعى فى المجتمعات المحلية والمساهـمة فى تحسين المستويات المعيشية والقضاء على الفقر وأيضا ذلك الدور لم يكن ضمن اهتمامات تلك المنظمات، هذا عن المنظمات التى تصدرت الثورة وأقصت ما عداها من المنظمات الحقوقية الأخرى؛ بينما على الضفة الأخرى استغلت المنظمات الأجنبية ضعف المؤسسات فى ذلك الوقت وقامت بالإعلان عن المبالغ التى منحتها للمنظمات الأجنبية على الأراضى المصرية وبعض المنظمات المصرية خلال الشهور الأولى من ثورة يناير فقد أعلنت منظمة الند NED التابعة للكونجرس الأمريكى منح بعض المنظمات المصرية مبلغ مليون دولار أمريكى خلال عام 2011، لدعم ثقافة حقوق الإنسان فى مصر. أما المعهد الوطنى الديمقراطى فقد أعلن أن 13 ألف مصرى استفادوا من دوراته التدريبية عن الديمقراطية عام 2011 من خلال 700 دورة تدريبية وحتى الآن لا نعلم من هم المتدربون وعلى أى شىء تدربوا، كما أعلن أيضا المعهد الوطنى الديمقراطى التابع للحزب الديمقراطى الجمهورى عن أنه قدم منحا قيمتها 14 مليون دولار تحت مسمى الإصلاح السياسى تم تقديمها إلى «نشطاء» فى مصر لدعم ثقافة الديمقراطية!!، وتيمنا باسم المعهد الديمقراطى الأمريكى قامت قيادات من حركة 6 أبريل بتأسيس «المعهد المصرى الديمقراطى»، وفقا للبيانات الرسمية حصل على منحة تقترب من مليون دولار من منظمة الند الأمريكية NED،ومنظمة فريدوم هاوس، ثم تقوم منظمة بيت الحرية freedom house بتقديم الدعم لقيادات أخرى من حركة 6 أبريل لتأسيس «مركز دراسات المستقبل للاستشارات القانونية وحقوق الإنسان» وتمنح المركز ما يقرب من (ربع مليون دولار).
إذن هى حالة من الفوضى العارمة ومنظمات أجنبية ومصرية تعبث بالأمن القومى للبلاد وتطلق التقارير والبيانات وتخوض معاركها ضد الشرطة والجيش وتتواصل مع المنظمات والهيئات الأجنبية وأغفلت دورها الأساسى فى مساعدة المواطن ومؤسسات الدولة على انتقال هادئ من نظام سياسى رفضه الشعب إلى بناء نظام جديد يلبى فيه احتياجات وأحلام المواطنين وهذا العبور كان يستلزم منظمات حقوقية وطنية تمر وتعبر من خلال مرحلة انتقالية تعتمد على نصوص واتفاقيات دولية أكثر ما تعتمد على رسائل لينين وكتاب الثورة الدائمة لتروتسكى.
على أية حال لم ينته عام 2011 إلا وتقوم الدولة بالقيام بمسئوليتها فى الحفاظ على الأمن القومى والتصدى لظاهرة ضخ الأموال للنشطاء المصريين فى مرحلة سياسية تتسم بالارتباك وضعف بعض المؤسسات وقامت أجهزة الأمن بصحبة النيابة العامة باقتحام مقار عدد من المنظمات الأجنبية والمصرية فى مصر لتبدأ صياغة جديدة لعلاقة الدولة بالمنظمات الحقوقية فى مصر؛ وفى المقال القادم الحركة الحقوقية والمرحلة الانتقالية.