الإثنين 27 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
تاريخ الحركة الحقوقية فى مصر (11)

تاريخ الحركة الحقوقية فى مصر (11)






لم تتحمس المنظمات الحقوقية ذات الهوى اليسارى لثورة 30 يونيو، ولم تخف تحفظها على الدعوات الشعبية لإزاحة نظام الإخوان المسلمين من الحكم على الرغم من أن نظام حكم الرئيس الأسبق محمد مرسى وجماعته مارس انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان تعاملت معها تلك المنظمات بتواطؤ شديد ولم لا وقد كان خالد القزاز أحد القيادات الإخوان برئاسة الجمهورية هو همزة الوصل بين تلك المنظمات ورئاسة الجمهورية فى عهد الرئيس مرسى وكان هناك عدد كبير من التفاهمات بل واللقاءات الدورية بمقر رئاسة الجمهورية لتلك المنظمات وهى ذاتها المنظمات التى كانت ترفع شعار لا جلوس مع ممثلى الدولة أو المؤسسات الحكومية  لكنها الانتهازية السياسية والتعبير عن مصالح المنظمات الدولية فى ذلك الوقت التى كانت سياستها داعمة لنظام جماعة الإخوان فى مصر بل وتسانده ودفعت ملايين الدولارات لتلك المنظمات لضمان مساندة حقوقية لنظام مرسى وجماعته.
ولم تكن تتمنى تلك المنظمات أن تصل إلى 30 يونيو، والتى اعتبرتها المعركة الحاسمة ولحظة المواجهة والمكاشفة، لأن إستراتيجية تلك المنظمات كانت تعتمد على المكسب بالنقاط واستنزاف الدولة المصرية ببطء وعلى مراحل من أجل إضعافها؛ لكنه الواقع ووحشية جماعة الإخوان أثناء حكمها فى تعاملها مع الشعب المصرى هو الذى فرض ذلك؛ وبات الإرهاب الذى يمارسه الحكم فى ذلك الوقت ضد الشعب المصرى بل وضد المؤسسات المصرية يحتاج إلى المواجهة؛ لقد فعلت تلك المنظمات ما طلب منها فقد هرولت إلى قصر محمد البرادعى بأكتوبر عند أول وصول له لمصر فى 2010 وساندته وروجت له باعتباره رمزا من رموز الوطن ثم باركت ترشح محمد مرسى وذهبت إليه فى لقاء (فيرمونت) أثناء الحملة الانتخابية وبايعته وأعلنت تأييدها ثم تواطأت مع مرسى وجماعته ولم يسمع لها صوت فى مجمل الانتهاكات التى مارسها النظام فى ذلك الوقت من دعاوى التحريض ضد الأقباط بل واقتحام الكاتدرائية المرقسية  من قبل بعض المتطرفين لأول مرة فى تاريخ مصر وهدم الكنائس وممارسات النظام بحق الإعلاميين والتحريض على قتلهم ولم تهمس تلك المنظمات بثمة بيان أو تقرير عن حصار المحكمة الدستورية لمنعها من أداء عملها واختفت تلك المنظمات عندما قامت جماعة الإخوان وأنصارها بحصار مدينة الإنتاج الإعلامى، وعندما هيأت جماعة الإخوان بيئة مواتية لأنصارها للإفلات من العقاب على جرائمهم بلعت تلك المنظمات لسانها؛ فلم نشهد تحركات ولقاءات بالأمم المتحدة للقاء المفوض السامى ولم نشهد لقاءات مع منظمات دولية لوقف هذه الانتهاكات.
وفى واقع الأمر إن تصرفات تلك المنظمات وموقفها من 30 يونيو فضلا عن أنه خالف المزاج العام للشعب المصرى إلا أنه يكشف أيضا ازدواج المعايير لدى تلك المنظمات، فالشعب الذى خرج فى 30 يونيو لم يكن له سوى مطلب واحد ووحيد وهو رفض الإرهاب الذى مارسه مرسى وجماعته وهو مطلب عادل ويتسق مع المواثيق والاتفاقيات الدولية لحقوق وهو مطلب يستحق بل ويجب على المنظمات الحقوقية أن تدعمه لكن هذا لم يحدث؛ بل على العكس تماما.
فلم يكن الشعب المصرى ينهى احتفالاته بثورة 30 يونيو وتحرير البلاد من إرهاب الجماعة إلا وتصدر المبادرة المصرية للحقوق الشخصية بيانا صحفيا بعنوان (المبادرة المصرية تدعو لمحاسبة عادلة للمسئولين عن ضحايا أحداث عنف) وهو البيان الذى أعلنت المبادرة من خلاله تقريرها عن مسئولية الدولة الأساسية عن انتهاكات حقوق الإنسان فى تلك الفترة، سواء لمشاركة قوات الأمن بشكل مباشر فى هذه الانتهاكات أو لامتناعها وتقصيرها عن حماية أرواح وممتلكات المواطنين من الاعتداءات الواقعة عليهم من أطراف غير رسمية؛ ثم تصدر 13 منظمة حقوقية أخرى بيانا يتضمن توقيعات لمؤسسة الكرامة القطرية المشبوهة وهيومن رايتس ووتش ومنظمة العفو الدولية! وكانت تلك المنظمات هى: المركز المصرى للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، هيومن رايتس ووتش ,حملة وراكم بالتقرير، الجماعة الوطنية لحقوق الإنسان والقانون، منظمة العفو الدولية، المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، مؤسسة الكرامة لحقوق الإنسان مركز قضايا المرأة المصرية، مركز النديم لتأهيل ضحايا العنف والتعذيب والشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، ومؤسسة حرية الفكر والتعبير، مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، نظرة للدراسات النسوية، الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان.وفيه حملت الدولة مسئوليتها عن أحداث العنف عقب إزاحة مرسى .
لكن على الجانب الآخر أصدرت 27 منظمة حقوقية بيانا صبيحة يوم 30 يونيو أكدت فيه أنها تتضامن مع مطالب الشعب فى ثورته ورفضت تلك المنظمات الممارسات الإرهابية التى قامت بها جماعة الإخوان والرئيس الأسبق مرسى فى ذلك الوقت وكان من بين هذه المنظمات الجمعية المصرية للنهوض بالمشاركة المجتمعية ,والبرنامج العربى لنشطاء حقوق الإنسان ومركز الحق لحقوق الإنسان، والمؤسسة العربية لدعم المجتمع المدنى ويأتى الرئيس عدلى منصور رئيسا للبلاد لفترة انتقالية وتتعافى الدولة المصرية من جراح ممارسات جماعة الإخوان المسلمين ويستمر المرض يسرى فى أعضاء الجسد الحقوقى بفعل ما خلفته جراح الانقسام السياسى وتباين المواقف فيما بينها وللحديث بقية.