مصاصو الدماء «1»

ارتبطت الصورة الذهنية عن مصاصى الدماء بتلك الكائنات الحقيقية أو الوهمية المتوحشة التى تتغذى على دماء البشر، وتجد فى امتصاص هذه الدماء وتجرعها لذتها وشهوتها وبغيتها ونشوتها، بحيث لا تملك هذه الكائنات أى عقل ولا قلب ولا رحمة ولا إنسانية، ووفق برامج التطور العكسى الذى يسير فى اتجاه أقصى درجات التخلف والخروج على عالم الإنسانية إلى عوالم هى فى المفترض أقرب إلى دنيا الخيال منها إلى دنيا الحقيقة، وإلى عالم الحيوانات الشرسة المفترسة الشاذة منها إلى عالم البشر، ابتلينا بمسوخ تنتمى شكلا إلى عالم البشر حقيقة وواقعا إلى هذا العالم الغامض المشوه عالم مصاصى الدماء، حتى صار له عناصره، وجماعاته، بل حتى أنظمته الراعية له.
إن الأثر المترتب على عملية مص الدماء هو إزهاق أرواح بعض البشر والأثر المترتب على العمليات الإرهابية إنما هو أيضًا إزهاق أرواح بعض البشر، وإذا كان الأول يتلذذ بامتصاص الدم فإن الآخر يتلذذ بمجرد إراقة الدم، إسالة الدم، منظر الدم، تعذيب الفريسة، والفريسة هنا هى الأرواح البريئة الآمنة المسالمة، أو تلك التى لا ذنب لها ولا جريرة إلا أنها تدافع عن أرضها وعرضها وكرامتها وعن البشر الآخرين، لأنها إنما تؤمن بحق الحياة للجميع.
أما عناصر مصاصى الدماء فهى تلك العناصر التى تقوم بعمليات القتل والتفجير واستهداف الآمنين وكل من يقوم بمساعدتها بأى لون من ألوان المساعدة الميدانية أو اللوجستية أو يوفر لها غطاء ماديًّا أو معنويًّا أو فكريًّا أو يعمل على تبرير أعمالها أو يتبنى الدفاع عن هذه الأعمال.
أما جماعات مصاصى الدماء، فهى تلك الجماعات التى تقوم على أيديولوجيات تعتمد القتل والتفجير والتصفية البشرية واستباحة الدماء منهجًا ومسلكًا.
أما الأنظمة التى يمكن أن يطلق عليها أنظمة مصّ الدماء، فهى تلك الأنظمة التى ترعى تلك العناصر وتلك الجماعات التى تنتهج القتل والتصفية الجسدية وسفك دماء الآمنين وترويعهم وتوفر لها المال والعتاد والملاذ الآمن.