مصاصو الدماء «2»
ربما يرى بعض النقاد أو المؤلفين أو القراء أن إطلاق لفظ مصاصى الدماء على العناصر التى تقوم بعمليات القتل والتفجير، الجماعات التى تقوم على أيديولوجيات تعتمد القتل ، وكذلك الأنظمة الراعية لها يعد إطلاقًا لفظيًّا قاسيًّا، ولهؤلاء وأولئك أقول : أولاً : أيهما أعنف وأقسى أهو مجرد اللفظ المتحفظ الذى يأتى مجرد تصوير أو رد فعل أم هذه الجرائم الشنعاء الشاذة فى دنيا البشر التى تجعلنا وتجعل كل من يملك أدنى حس إنسانى يتساءل: من هم هؤلاء المجرمون الذين يتجردون من كل حس إنسانى أو حتى حيوانى ويرتكبون هذه المجازر البشعة ذبحًا أو حرقًا أو تمثيلا وتنكيلا بالبشر، بحيث لا تستثنى من ذلك امرأة ولا طفلا ولا شيخًا فانيًّا ؟!
ثانيًّا: إننى لم أجد معادلاً لغويًّا ولا موضوعيًّا لتلك الجرائم الشنعاء يمكن أن يفى أو يكافئ أو يصور بعض معالمها أدق ولا أكثر تمثيلاً ولا تحفيزًا للشعور ولا مقابلة لبشاعة الجرم من مصطلح مصاصى الدماء.
وإذا كان رسولنا (صلى الله عليه وسلم) قد قال: ” عُذِّبَتِ امْرَأَةٌ فِى هِرَّةٍ سَجَنَتْهَا حَتَّى مَاتَتْ، فَدَخَلَتْ فِيهَا النَّارَ، لاَ هِيَ أَطْعَمَتْهَا وَلاَ سَقَتْهَا، إِذْ حَبَسَتْهَا، وَلاَ هِيَ تَرَكَتْهَا تَأْكُلُ مِنْ خَشَاشِ الأَرْضِ”، فقد دخلت هذه المرأة النار فى هرة، لم تقتلها، ولم تذبحها، ولم تحرقها، ولم تمثل أو تنكل بها، إنما فقط حبستها فلا هى أطعمتها ولا هى تركتها تأكل من رزق الله، فما بالكم بمن يعذب الحيوان، بل من يقتله، بل من يمثل به؟ ثم ما بالكم بمن يفعل ذلك بأخيه من بنى الإنسان؟ هذا إن كان هو إنسان أصلا أو كان يؤمن بالإنسانية.
إن الأمر يتطلب وبلا أى توان أو تريث أو تأخر العمل الجاد وقبل فوات الأوان على استعادة أو إعادة بناء منظومة القيم الإنسانية على مستوى إنسانى وعالمى، والوقوف وبحسم فى وجه مصاصى الدماء الجدد حتى لا تتسع الهوة أو تستشرى الظاهرة فتفقد الإنسانية أهم خصائصها ومقوماتها وتدخل فى فوضى غير خلاقة لا تبقى ولا تذر، وقبل أن تحصد هذه الفوضى الأخضر واليابس فى عالم لا يمكن لأحد فيه أن يكون بنجوى عن المخاطر والحرائق التى تشتعل فى أى منطقة منه.