صفاء طه واللغة الصفصفية
صفاء طه، ربما تتساءلون من هذه الصفاء؟، هى ليست مطربة شهيرة، ولا لاعبة كرة قدم أو ممثلة معروفة أو حتى إعلامية يشار إليها بالبنان، هى ليست من الشخصيات العامة أو كاتبة مرموقة أو صحفية شهيرة، إنها طفلة مقاتلة، استطاعت أن تتغلب على ظروف غاية فى الصعوبة ، حين تتخيلها سوف تتعجب كيف استطاعت أن تقفز فوق هذا العجز الذى يصيب النفوس والأجسام ، لكنه لم يستطع أن يفعل شيئا معها، حين رأيتها صار لدى يقين تام أن منع الله لشىء هو عطاء فى حد ذاته لو يعقل الإنسان و يتدبر الحكمة ،صفاء على مقاتلة من طراز فريد لعجز أصاب أطرافها جميعا، ولكنه لم يصب نفسها أو روحها الوثابة التى استطاعت أن تحلق عاليا متفائلة سعيدة.
سعدت حين دعانى الدكتور حاتم ربيع الأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة لحفل توقيع كتاب «قصتى» الصادر عن المركز القومى لثقافة الطفل للطفلة صفاء طه، عن سلسلة إبداعات من طفل لطفل وسط العشرات من أصحاب الإعاقات المختلفة، والطفلة صفاء هى سفيرة السلام والتحدي، يتناول الكتاب «قصتى» قصة بداية اكتشاف طفلة من ذوى القدرات الخاصة لذاتها وقدراتها العالية، وذلك حين بدأت تعبث فى اللاب توب الخاص بوالدها بخدها، وأصابع قدمها، فهى لا تستطيع أن تحرك يدها أو قدمها، تفاجأ صفاء بالدهشة حين يعمل الجهاز من ضغطة خدها، و هنا يبدأ العالم السحري الذى فتح أبوابه واسعا كى تدخل إليه سعيدة فرحانة ، فتبدأ رحلة التعلم الفعال النشط الممتع مع التكنولوجيا، وتواصل نشاطها مع الرسم والتعلم ويساعدها والدها والعائلة و بعض المحبين والمقدرين لروحها القتالية المثالية.
وبدأت صفاء على رحلة البحث عن ذاتها، رحلة البحث عن المعرفة كى تجد لنفسها مكانا تحت الشمس، وأصرت مع عائلتها أن تجد لنفسها مكانا بالمدرسة رغم أن عددا من المدارس قد رفضت أن تلتحق بها صفاء، وصارت صفاء أيقونة الفصل والمدرسة، بل تفوقت على الجميع وبدأت تحجز مكانا دائما فى صف الأوائل فى المدرسة، وبدأت تواصل رحلتها وتكتب القصص القصيرة.
وتبدأ صفاء طه الكاتبة الصغيرة كتابها الأول بسؤال يدخلك مباشرة فى عمق التجربة الإنسانية العالية، تسأل: من أنا؟ وهنا تبدأ حكايتها بتاريخ ميلادها ووصف حالتها بشجاعة حين قالت: «أنا من ذوى الاحتياجات الخاصة، أو من الأفضل أن أقول من ذوى القدرات الخاصة، أنا لا أستطيع أن استخدم أطرافى الأربعة، لكن الله أعطانى قدرات ومواهب كثيرة وجميلة».
من هذه الفقرة نرى الرضا بالقضاء والقدر، والتعايش الجميل مع المحنة حتى تحولها إلى منحة من الله، والسؤال هنا، كم من الأطفال على قدر صفاء من الهمة والمقدرة والإبداع، ملايين الأطفال فى كل مكان من الأصحاء يعيشون ويكبرون ويتعلمون دون أن يسمع بهم أحد فى أى مكان، فجميعهم نسخ مكررة متشابهة لا تطمح أن تختلف عن بعضهم البعض، فصفاء طه التى فكرت مرة أن يكون لها لغة خاصة بها يتعلمها الآخرون تسمي اللغة «الصفصفية» سوف تبحث بالطبع عن كل جديد وكل مختلف يميزها عن غيرها، إن دعوة صفاء للخير والحب والتفاؤل رشحتها أن تكون سفيرة للسلام والتحدى.
وختاما تحية للأستاذة ميرفت مرسى رئيس المركز القومى للطفل على صدور هذا الكتاب للطفلة صفاء طه، الكتاب الذى سيعطي بالطبع طاقة إيجابية لكل الأطفال من ذوى الاحتياجات الخاصة، أقصد القدرات الخاصة كما أكدت صفاء.
