الجمعة 23 مايو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
التدريب التراكمى

التدريب التراكمى






لا أتحدث هنا عن نظرية افتراضية أو عن أمر تنظيرى بعيد المنال أو غير قابل للتطبيق، إنما أتحدث عن أمر جعلناه واقعا، وشرعنا فى تطبيقه عمليًا، فأخذ يؤتى ثماره واضحة جلية سواء فى مستوى الأداء أم فى تحفيز الهمم، وحول جانبًا كبيرًا من واقع الأحلام والأمانى إلى مواقع التحقيق والتنفيذ، إنها عملية التدريب النوعى والتراكمى المستمر، ذلك أن بعض الخريجين بل كثير منهم ربما يظن أنه بمجرد حصوله على الشهادة قد قطع كل الطريق أو معظمه، وبمجرد التحاقه بالوظيفة يظن أنه قد وصل فى الطريق إلى منتهاه، فيغلق دفاتر العلم وأدوات التحصيل إلا من رحم ربى.
غير أن علينا أن نعلم أن العلم لا يقف عند حد، بل إنه قد صار فى عالمنا المعاصر أكثر تسارعًا وتطورًا ونموًا بحيث صار أكثر الناس علما وثقافة بحاجة ماسة إلى بذل المزيد من الجهد لمتابعة المستجدات ومواكبة التطورات، يستوى فى ذلك من يعمل فى مجال الطب، أو فى مجال الهندسة، أو فى مجال الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، وهكذا فى سائر المجالات.
وفيما يخص مجال الدعوة إلى الله (عزّ وجلّ) فإن الإنسان لا يمكن أن يكون واعظا أو مفتيًا حقيقيًّا ما لم يكن عالمًا بأدوات العصر وقضاياه ومستجداته، ذلك أن أهل العلم على أن الفتوى قد تتغير بتغير الزمان والمكان أو الحال أو بهم جميعًا، فما كان راجحًا فى عصر أو زمان أو مكان قد يصير مرجوحًا إذا تغيرت ظروف الزمان أو المكان أو حال المستفتى، وبالطبع قد يصير ما كان مرجوحًا راجحًا، طالما أن من يقوم بعملية الإفتاء والترجيح أهل للاجتهاد والنظر ويبنى فتواه على الدليل الشرعى المعتبر، وبما أن الحكم على الشئ فرع عن تصوره، فما لم يكن العالم أو المفتى أو الخطيب متابعًا للمستجدات ملمًا بالمصطلحات فإنه قد يسقط الفتوى على غير محلها، ذلك أن المفتى أو العالم ينبغى أن يكون ملمًا بالأحكام الشرعية وبالواقع معًا، ولديه الملكة التى تمكنه من إنزال الفتوى على محلها لا على غير محلها، واعيًا ما يحيط بهذا المحل من ملابسات ومستجدات وضرورات وظروف عصرية.
ومن ثمة كان لا بد من التدريب النوعى، التراكمى، المستمر، وهو ما جعلنا نضع عددًا من البرامج والمسابقات، ابتداءً من مسابقة وبرنامج إمام المسجد الجامع، فالإمام المتميز، وانتهاء بمسابقة وبرنامج الإمام المجدد، وقد راعينا فى برامج الإمام المجدد أن تكون متنوعة وعصرية بحيث تؤدى إلى تكوين الإمام المستنير الذى نسعى إلى أن يملأ الأرض علمًا وفقهًا وفهمًا ووعيًا وثقافة وتسامحًا، بحيث يدرس : علوم الفقه، وما يتعلق به من معاملات، ومواريث، وفقه الأسرة والأحوال الشخصية من زواج وطلاق وخلع وغير ذلك، إضافة إلى القضايا الفقهية المعاصرة كالمعاملات المالية، من نحو قضايا : التأمين، والصكوك، والأسهم، والسندات، والبورصات ونحو ذلك، والقضايا الطبية كالاستنساخ، والموت الإكلينيكى، ونقل وزراعة الأعضاء، ونحو ذلك، وكذلك علم أصول الفقه وقواعده الكلية وتطبيقاتهما المعاصرة.