الثقافة والحرب الشاملة ضد الإرهاب
يخطئ من يتوهم أن يده ليست فى النار وأنها فى الماء البارد، ناسيا تماما أن القاتل المأجور الإرهابى الحقير المضلل لن يفكر حتى فى أمه التى ولدته، فقد غسلوا دماغه وهو على استعداد لقتل حتى من ولدته، فالذى كفر المجتمع، ثم حمل السلاح لن يفرق معه من فى الشارع أو على الطريق أو فى الكمين من عساكر غلابة من بلاد الله وأنه بعيد تماما عن مرمى نيران التطرف والإرهاب، أقول لهذا الواهم ،هم على مرمى حجر منك ليغسلوا رءوس أبنائنا ليقتلونا بأيدهم ونحن ركوع سجود بين يدى الله فى مساجدنا وكنائسنا.
لا ادرى لماذا فكرت لحظة أنهم قد يدخلون علينا مساجدنا فى صلاة الجمعة ولكننى استبعدت تماما الفكرة المجنونة الأبعد والأغرب من الخيال واستعذت بالله من الشيطان وعدت ثانية استمع للخطيب الذى كان يحدثنا عن قتل النفس بغير النفس وعلاقة ذلك بالفساد فى الأرض وأن من يفعل ذلك فكأنما قتل الناس جميعا، ولم لا ؟ فرأس التكفير ومفكرهم الأعظم سيد قطب قد رفض صلاة الجمعة وشيطانه ألبس عليه الأمر وجعله يكتب أننا كفار ونعيش فى مجتمع جاهلي، فمن السهل أن يقتلوا من ذهبوا لصلاة الجمعة.
والسؤال الذى يسيطر على العقول الآن، من هذا الذى تسول له نفسه أن يدخل مسجدا وكنسية أو ديرا ليقتل نفسا بين يد الله تتقرب إليه ،كان يجب أن يفهم الجميع أن من دخل بالأمس كنيسة ليقتل، دخل اليوم مسجدا وقتل 305 وأصاب ما يزيد على سبعين منهم 25 طفلا، حتى لو أدعى أنه على خلاف مع الصوفية/السنة مثله/ الأمر فى الحقيقة يعود بالكلية إلى تدمير مصر، قلب العالم العربى كله، وأعتقد أن الأمر ليس بعيدا عن العرب كلهم من الخليج إلى المحيط.
والحقيقية الواضحة الآن أن قطع دابر الإرهاب من سيناء لن يتم إلا بتكاتف أهل سيناء جميعا، وهم الذين دفعوا ثمنا غاليا من قتل ما يزيد على ثلاثمائة من رجالها وشبابها وأطفالها يوم الجمعة السوداء والحزينة على أبناء مصر؛ فقد قتل الكثير من أطفال وشباب وشيوخ وعائلات كاملة من قرية الروضة التابعة لبئر العبد والتى تنتمى لعائلات كثيرة فى سيناء، وعليها أن تنتفض اليوم قبل الغد لدحر هؤلاء القتلة، وبالطبع لا أقصد المواجهة العسكرية بينهم وبين الإرهابيين ،فلكل واحد دوره، لكن أقصد دعم الجيش والشرطة بهمة وإخلاص شديدين مثلما كانوا يفعلون فى حرب مصر ضد إسرائيل، ومنع طفل واحد أو شاب واحد أن ينزلق لتلك الفئة الباغية هو دور كبير ومهم جدا، أعتقد أن المصريين فى تلك القطعة الغالية العزيزة على الوطن فهموا اليوم أن الأمر ليس يخص رجال القوات المسلحة والشرطة فقط، ولكنه يخص الجميع وكل من يدب على تلك الأرض المقدسة، فقد كشف هؤلاء القتلة عن وجوههم القبيحة المعروفة من البداية ولكن بعض المرتجفين فى الأرض كانوا يجدون لهم مبررات واهية، فاليوم قد قتلوا الركع السجود وهم بين يدى الله، ولم يرحموا أحدا وقتلوا المصلين وفجروا المسجد وحروقوا سياراتهم التى تتواجد خارج المسجد كى لا يجدوا شيئا ينقلون حتى الجرحى للمستشفيات، أى قلوب تلك التى تسكن تلك الصدور التى كالكهوف الصخرية.
أعتقد أنه آن الأوان لتعلن الدولة المصرية الحرب الشاملة على الإرهاب، الحرب التى يشارك فيها الجميع؛ بداية من الأطفال، مرورا بالشباب ووصولا للشيوخ، اليوم يجب ألا يكتفى بالحداد والتنديد وعلينا أن نعمل جميعا كى نحارب من البداية، من الأفكار التى حولت هؤلاء البشر لوحوش ضارية، لا تعشق إلا لون الدم وقتل النفس واغتصاب النساء.
علينا أن نبدأ من الأطفال الذين هم أمل الوطن فى غد أفضل خال من كل فكر ضال أو منحرف، علينا أن نعطى الثقافة مساحة أكبر وأن يكون تحت سقفها مجموعة وزارية ثقافية؛ تشمل الثقافة والإعلام والتربية والتعليم والتعليم العالى والتضامن والأزهر والأوقاف والكنيسة ومؤسسات المجتمع المدنى ورجال الأعمال، يجب أن يجلسوا معا ليعرفوا ماذا يفعلون لمواجهة هذا التطرف والإرهاب الأسود الذى بدأ يتوغل وينتشر وتتغير فلسفته من وقت لآخر، علينا أن نوسع دائرة المحاربين له ونوعيتهم حتى يتم دحره تماما، يجب أن يشترك العرب والعالم لمساعدة مصر فى حربها الضروس ضد هذا الفكر الضال وفى مواجهة القتلة فى كل مكان فى العالم كله.