
هناء فتحى
لاتصالح
كيف أتمكن بجرة قلم واحدة دون رعشة أو شطب أو إعادة من إسقاط المرشح الديني والمرشح العسكري والمرشح المباركي؟
كيف أكتب في الورقة اسماً واحداً بقلم مملوء بدماء الذين استشهدوا من أجل كتابة أول صفحة في كتب التاريخ الجديدة؟
كيف أصنع من لافتات المرشحين أكفاناً للذين ذهبوا عرايا وحزاني ومخذولين؟ فلتسقط كل الأثواب الرسمية ولتحيا أكفان الشهداء.
> أنا من أختار؟
.. أسائل نفسي وحدها.. وأنا لا أحب العسكر ولا الإخوان ولا أبناء مبارك.. كمان
لا أحب الذين يبيعون الكلام والأوهام والأحلام والعبارات المنمقة.. فمن اختار وقد قال لي «أمل دنقل» ذات عام: لا تصالح. ولو منحوك الذهب
أتري حين أفقأ عينيك
ثم أثبت جوهرتين مكانهما
هل تري؟
نعم.. نعم كان أمل دنقل يقصد الصهاينة.. المحتل الإسرائيلي هناك في فلسطين القريبة.. البعيدة الآن لم يعد يقتلنا يهود.. لم يضعوا في عيني «أحمد حرارة».
جوهرتين لكنه يري.. لم يعد يفقأ عيوننا اليهود.. لكننا نري.. هل أنا أهذي؟ أنا التي أعشق أمل دنقل وأكره أشعار المرشحين..
نعم مازلت أهذي مع أنني لم أثمل.. لم أشرب من دماء الشهداء.. ولم أغسل قدمي من عرق الفقراء.. ولم أنفض يدي من انتهاك أعراض البنات علي الأسفلت وفي سيارة الترحيلات.
أختار من؟ وقد قالي لي أمل دنقل: لا تصالح؟
والنهار علي الأعتاب ينتظر اختياري.. والأيام تسحب الليالي وتجر خلفها عقلي الحائر وقلبي الثائر علي كل المرشحين، ولا استثني منهم أحداً.. فمن اختار؟ ربما لن أختار.. ربما أترك الشهداء يسودون بطاقتي الانتخابية.. ولم لا ؟ ألم يصوت الموتي في الانتخابات السابقة بدلًا منا؟
عيون المتظاهرين المفقوءة ودماء الشهداء المسكوبة سوف تدلنا.. فالشهداء أحياء لا ينامون حين تنام ضمائر الآخرين.. من أختار دون أن أحتار.. ربما يأتي شهيد ويكتب ورقتي بدلاً مني بجرة قلم واحدة دون رعشة أو شطب أو إعادة.. ربما يتمكن الشهيد من إسقاط المرشح الديني والمرشح العسكري والمرشح المباركي، فأنا لا أحب مبارك ولا العسكر ولا الإخوان ولا أصحاب الحكايات السقيمة والأمثال والأوهام والأحلام.
من أختار؟