الطريق الإقليمى.. الحلم

يحتل موطنى ومسقط رأسى جزءًا كبيرًا من حياتى الشخصية بل إنه يشكل شخصيتى التى أحاول ألا تتغير بحكم الزمن والناس، نشأت فى قرية صغيرة بمحافظة المنوفية وتحديدًا فى مركز  أشمون(أرض القمر) كما كان يطلق عليها الأجداد الفراعنة.. قرية صغيرة تسمى “دلهمو” تبعد عن المركز بحوالى 15 كيلو مترًا كنت دائمًا على خلاف مع الكثيرين من الأقارب وأهالى القرية فيما يتعلق بموقع قريتنا الواقعة على ضفة نهر النيل (فرع رشيد) تتوسط هذا الشريان من جميع الجهات وتقع على ربوة من طمى ورمال النهر العظيم والتى تكونت عبر سنوات طويلة من الفيضان الذى كان يغمر أراضى القرية قبل بناء السد العالى بأسوان.
هذا المكان الساحر الذى عشقته منذ أيام الطفولة حتى يومنا هذا.. كنت أسير وأنا فى سنوات عمرى الأولى على جسر النيل القديم مسافة 4 كيلو مترات من “دلهمو” إلى أخوالى فى “طهواى” وهى إحدى أكبر القرى وأهمها فى مركز أشمون فأجد النهر على يمينى يفيض بالخير ويأتى بالماء الذى يروى معظم الأراضى المجاورة له والواقعة فى نطاق جسر النيل وانظر إلى البر الثانى وهى محافظة الجيزة وتحديدا منطقة بنى سلامة والخطاطبة وكانت أمنيتى أن يأتى اليوم الذى نعبر إلى البر الثانى دون مراكب أو معديات.. كنا نشاهد بعض حوادث الغرق المتكررة لأهالى بلدتنا وبعض القرى المجاورة.. وكنا نحلم بأن يتم إنشاء كوبرى يوفر هذه المشقة ويمنع تلك الحوادث التى تعرض لها الكثيرون فى سنوات سابقة.
بالأمس وتحديدًا الخميس الماضى شاءت الأقدار بأن أسترجع ذكريات الطفولة التى مر عليها ما يقرب من 35 عامًا.. نفس الطريق ونفس المسافة قطعتها من قريتى فى العزبة إلى “طهواى” القرية الأم، شاهدت الحلم الجميل الذى مر بخيالى فى أيام طفولتى من خلال أكبر وأهم مشروع لطريق عام تم إنشاؤه فى العصر الحديث فى مصر، إنه الطريق الاقليمى الذى يبلغ طوله 400 كيلو متر والذى يمر من قلب قريتى الآن من خلال محور منوف بنها - الخطاطبة .
ما رأيته إنجازا وإعجازا بكل صدق دون مجاملة لأحد، هذا الطريق سيوفر نصف أعمارنا ونصف أعمار الأجيال القادمة التى كانت تذهب فى السفر إلى القاهرة أو المحافظات الأخرى سينتهى عذاب السفر من المنوفية مرورًا بالقناطر الخيرية وطريق أبو الغيط أو الطريق الزراعى أو أى محافظة فى الوجه القبلى أو البحرى، الآن تستطيع أن تصل إلى القاهرة فى غضون 50 دقيقة فقط من خلال الطريق الإقليمي وتستطيع أن تسافر إلى مدن القناة وبعض محافظات الوجه البحرى دون الدخول إلى القاهرة المزدحمة طوال أيام الأسبوع.
شكرًا لمن مررت عليهم بالأمس وهم يعملون تحت حرارة الشمس وبرودة الليل كى يتم تسليم الطريق فى 30 / 6  المقبل بإذن الله.
وشكرًا للشركات المنفذة تحت مظلة جهاز الخدمة الوطنية لقواتنا المسلحة.. وشكرًا لصاحب فكرة هذا الطريق.. وألف شكر لمن يتابع لحظة بلحظة تنفيذ هذه المشروعات، من حمل روحه على كفه من أجل الحفاظ على هذا الوطن الرئيس عبد الفتاح السيسى.