الإثنين 22 ديسمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
بناء الإنسان المصرى (2) التدريب والصيانة

بناء الإنسان المصرى (2) التدريب والصيانة






لا شك أن الأهداف الأربعة التى تبنتها الدولة المصرية  لثقافة مصر تحتاج إلى برامج عمل ثقافية لكى تنفذ تلك الأهداف، لذا أعدت وزارة الثقافة ستة برامج  لكى تبدأ فعليا فى تنفيذها بداية من هذا العام رغم أن ميزانية الدولة قد أقرت كأبواب وبنود لكل الوزارات، وعلى كل مسئول فى موقعه أن يعيد تدوير تلك الأبواب والبنود إلى برامج عمل ثقافية محددة، وتبقى رءوس مراقبى الحسابات القادمين من وزارة المالية الذين يراقبون الصرف ويفسرون المواد والنشرات المالية الدورية طبقا لرؤيتهم، فهل سيفهمون أن البنود قد تحولت إلى برامج أم أن رؤساء القطاعات والهيئات سيضربون رءوسهم فى اللوائح القديمة الساكنة فى رؤوس المراقبين طبقا للرؤية القديمة!!.
وبداية يجب أن تستمد برامج العمل  الستة لكل المؤسسات الثقافية العامة وحتى الخاصة والأهلية وجمعيات المجتمع المدنى من الأهداف الأربعة السالف ذكرها فى المقال السابق، ويأتى البرنامج الأول الذى يهتم ببناء الإنسان على رأس تلك الأهداف جميعًا وهو تطوير ورفع كفاءة المؤسسة الثقافية والعاملين بها، وأعتقد أنه برنامج يهدف لإصلاح ما بين أيدينا أولا من مؤسسات بعد أن تكلست العديد منها وتراجعت قدرتها وكفاءتها على تقديم وانجاز عملها بقدرة عالية، فالكثير من تلك المؤسسات فى حاجة ماسة وشديدة لتطوير البنيته التحتية وإعادة تجهيز أدواتها وتدريب العاملين عندها وأرى أن يتم ذلك من خلال عدة أشياء على رأسها التدريب والصيانة، العنصران الغائبان عن كل مؤسسات الدولة، نظرا للثقافة التى تم تأسيسها فى عقول العاملين فى الجهاز الإدارى للدولة والتى لم تعط التدريب والصيانة أي قيمة لدعمهما، وقد يتم فى هذا الأمر عدة أشياء:
- إعادة هيكلة إدارات التدريب بالمؤسسات والهيئات وتحديد أهدافها ومهامها وبرامجها التدريبية طبقا للأهداف الجديدة والبرامج التى يجب تنفيذها.
- ربط إدارات التدريب بالوزارة والهيئات بالمؤسسات التدريبية الأخرى فى الجامعات  والمعاهد.
- رصد ميزانية مناسبة للتدريب الداخلى والخارجي، فلو راجعنا تلك الميزانيات سوف نكتشف أن الميزانية المتاحة لا تكفى شيئا ذا بال.
- عمل برامج تدريبية مناسبة للعاملين بالمؤسسات الثقافية بعد تقييم الوضع الراهن لمعرفة أوجه القوة والقصور لدى العاملين لكى نقدم لهم ما يحتاجونه وما يناسب طبيعة عملهم المرتبطة بالفنون والآداب والعلوم الاجتماعية .
- عمل برامج تدريبية تحويلية لبعض العمالة غير المتخصصة التى تم تعينها إبان أحداث ثورتى 25 يناير و30 يونيو وما قبلهما، حتى أننا سنكتشف أن العاملين بالجهاز الإدارى للدولة كلها مكونة من عدد من العائلات أو البلدان فى كل الوزارات والقطاعات، وأدعو أساتذة علم الاجتماع والادارة والموارد البشرية  لدراسة الظاهرة، وسوف يجدون أن الأب والأم والابن وزوجته وأختها وحماته فى المكان نفسه، لذا يجب على المسئول أن يدرس شجرة العائلة قبل أن يتخذ أية قرارات أو حتى أية مكافآت، فلن ترضى أحدا بمفرده لو أجاد وعليك أن تكافئ العائلة كلها!.
والأمر الأخر الغاية فى الأهمية هو الصيانة التى لا نضعها فى اعتبارنا ونعتبرها من نافلة القول ولا أهمية لها، مما يهدد كل المؤسسات التى يتم إنشاؤها بعد عام على الأكثر وأحيانا قبل أن يتم المنشأ عام واحد، لذا أدعو أن يظل بند أو برامج الصيانة بنودا سيادية لا يمسها أحد ولا يتم النقل منها إلى أي بنود أخرى مهما كان السبب.
وأخير أرى أن التدريب والصيانة روح مؤسسات الدولة كلها، وأنهما السبب الحقيقى والمباشر فى تطوير أداء ورفع كفاءة تلك المؤسسات، وبدونهما فإننا ننفخ فى البرية، ولن نحقق أى تقدم أو تطور قادم نرجوه ونأمل.