.. والله متفوقون رغم أنف النقابات!!
حين يرزقك الله بابن أو ابنه فى الثانوية العامية النظر والقلب، يتصارعون على الدرجة حتى يلحقوا بأمنياتهم فى كلية يرونها كل شيء وكأنها نهاية التاريخ،فأنت فعلا تعيش فى كابوس حقيقى، خاصة لو كنت ممن ينتظرون أن تحن عليك ماكينة الصراف الآلى قبل الموعد/ الأمل الذى تنتظره بفارغ الصبر كل شهر، شاء الله أن أمر بتلك التجربة المزعجة جدا مرتين، مرة قبلت يدى وش وظهر كما يقولون حين حصل الولد الكبير على 88% أدبي، ليس لأن ابنى لا يريد أن يتفوق أكثر من ذلك، ولكن لأننى أعرف أنه لا هم له إلا كرة القدم الذى يضعننا كل عام فى اختبارات على أبواب الأندية أسوأ من اختبارات الثانوية العامة لكى يقيد فى الدورى، وسامح الله النجم الخلوق محمد صلاح الذى أكل رؤوس العيال، والحالة الأخرى التى رزقت بها، بنت تعشق المذاكرة ولا تكتفى إلا بخمسة كتب على الأقل حتى تقتنع أنها جمعت المادة وفهمت محتواها وتعاملت مع كل الأحاجى واللوغاريتمات والفوازير القابلة وغير القابلة للحل ، وبالرغم من ذلك حصلت على 95% علوم، 95% يا ناس يا هوووه، 60 من 60 فى الأحياء و58.5 فى الكيمياء، رغم أن نموذج الإجابة الذى به عدة أسئلة لها حلول أخرى غير التى وضعها السيد المحترم العالم المبجل واضع امتحان الكيمياء، وأؤكد للقارئ الكريم أنه يوجد مثل ابنتى ما يقرب من 20 ألف طالب وطالبة حصلوا على هذا المجموع الممتاز جدا، الرمادى جدا، السيئ جدا لأنه لم يمنحهم الكلية التى يريدونها وبالتالى هو والعدم سواء.
وبالرغم من ذلك، يؤكد على تفوق هذه العينة حصول المئات منها على الدرجات النهائية فى بعض المواد العلمية، ربما انخفض مجموع بعضهم لانخفاض درجات اللغة العربية فأطاحت به فى غياهب الربع الخالى فى الجزيرة العربية ، ترى ماذا يحدث لو عرضنا هذه المجموعة الممتازة التى حصلت على تلك المجاميع التى لم تعجب السيد مدير مكتب التنسيق فى مصر على أى دولة فى العالم، خاصة من الدول الصديقة أو حتى المعادية أو التى تسيطر عليها النفسنة من مصر، أعتقد أنها سوف تخطفهم خطفا، وسوف تجد لهم من الكليات ما يناسب نبوغهم وقدراتهم العالية، وربما تبنتهم وعرضت عليهم الجنسية،و أعادوا لنا بعد ذلك علمهم وابتكاراتهم بالعملة الصعبة، والغريب أن التعليم العالى يعترف أن عدد المتفوقين هذا العام زاد عن العام السابق، وعلينا أن نكافئهم بأن نحرمهم من دخول الكليات التى تريدونها ليتفوقوا أكثر وأكثر، نحن ببساطة نقتل أجيالا من المتفوقين.
والغريب أن السادة أعضاء النقابات المهنية المختلفة أرسلوا للتعليم العالى كى يقللوا من أعداد القبول فى كليات المجموعة الطبية والهندسية، وذلك حرصا على الجودة المزعومة التى يريدونها، ناسين مشكورين أنهم دخلوا تلك الكليات بمجاميع تخطت السبعين أو الثمانين على أقصى تقدير،لأن الدرجة وقتها كانت مصنوعة من الجبس!! أرسلوا يطالبون بتقليل الأعداد ليس حرصا على الجودة ولكن حرصا على الجامعات الخاصة التى تزيد مصاريف بعضها على 60 ألف جنيه فى العام لكى تزيد مدخرات البزنس التعليمى لكليات لا يوجد لها مستشفيات لكى يتدرب أولادنا الذين دفعوا دم قلوبهم فيها تدريبا عمليا محترما، ورغم غلاء الأسعار الذى لا علاقة لها بارتفاع الوقود إلا ان الأهالى يحاولون أن يحققوا لأبنائهم المتفوقين أحلامهم فى الالتحاق بالكلية التى يريدها.
فهل تجد تلك الشريحة من يحنو عليهم من السادة أعضاء النقابات المهنية والسادة أصحاب البزنس التعليمى والسادة أصحاب الياقات البيضاء فى التعليم العالى والمجلس الأعلى للجامعات، أم أن لا أحد يحنو على أحد فى هذا البلد الطيب أهله؟






